×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 أنفسهم التعب والعناء والمشقة، فالله جل جلاله خير مجيب، يرى ويسمع ويعلم سبحانه، فلست بحاجةٍ إلى أن تذهب للمخلوقين وتطلب منهم الوساطة عندهم ورفع حوائجك، ارفعْ أنت حوائجك إلى الله، ارفعْ يدك إلى الله واطلبْ من الله، واسأل الله وادعه، فالله ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلةٍ سبحانه وتعالى فيقول: «هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ؟» ([1]). لماذا لا تحضر في هذه الساعة وتدعو الله سبحانه وتعالى، دون أن تذهب لفلانٍ أو فلان، أو القبر الفلاني؟ لكن شياطين الإنس والجن استحوذتْ على عقول كثيرٍ من الناس، فصرفتهم عن الطريق الصحيح بغير فائدة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

قوله: «فَسُؤَالُ اللَّهِ تعالى بِالْمَخْلُوقَاتِ: إنْ كَانَ بِمَا أَقْسَمَ بِهِ وَعَظَّمَهُ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ، فَيَسُوغُ السُّؤَالُ بِذَلِكَ كُلِّهِ». هذا رجوع إلى قوله: وإن قال قائل: «بَلْ أَنَا أَسْأَلُهُ أَوْ أُقْسِمُ عَلَيْهِ بِمُعَظَّمٍ دُونِ مُعَظَّمٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ»، وهنا يقول الشيخ: ما وجه أن تخص بعض المعظمين دون بعض؟ ادعْ إذًا بكل المعظمين، ولا تخص أحدًا، بل ادع بكل الخلق، وكلهم عباد، فلماذا تخص بعضهم دون بعض؟ فقصده الإلزام بهذا الكلام.

قوله: «إنْ كَانَ بِمَا أَقْسَمَ بِهِ وَعَظَّمَهُ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ» بما أقسم الله به؛ لأنهم يقولون: هذه مخلوقات أقسم الله بها، فنحن نعظمها ونتوسل بها، والله جل جلاله أقسم بالليل والنهار، والشمس والقمر، والتين والزيتون؛ إذًا: اعبدوا التين والزيتون، واعبدوا كل شيءٍ أقسم الله به، اعبدوا الليل والنهار، والشمس والقمر!! هذا ما قاله أحد.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1145)، ومسلم رقم (758).