×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

عليهم، وأجلاهم من المدينة، وأولُ مَن خان بنو قينقاع، ثم بنو النضير الذي أنزل الله فيهم أول سورة الحشر: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَخۡرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مِن دِيَٰرِهِمۡ لِأَوَّلِ ٱلۡحَشۡرِۚ مَا ظَنَنتُمۡ أَن يَخۡرُجُواْۖ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمۡ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ [الحشر: 2]، كانت في بنو النضير، وقد أجلاهم النبي صلى الله عليه وسلم، وبنو قريظة خانوا في غزوة الأحزاب وانضموا إلى الكفار ضد الرسول صلى الله عليه وسلم، فغزاهم الرسول صلى الله عليه وسلم في ديارهم حول المدينة وحاصرهم، وأنزلهم الله بالذل والهوان، ونصر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم، وبهذا انتهى تاريخ اليهود في المدينة.

قوله: «فَكَيْفَ يُقَالُ: نَزَلَتْ فِي يَهُودِ خَيْبَرَ وغطفان»، ما نزلت في اليهود في خيبر وقتالهم مع غطفان؛ إنما نزلت في يهود المدينة وقتالهم الأوس والخزرج، هذا هو النقل الصحيح.

قوله: «وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ» أي: الكذب «أَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ...» ذُكر فيه أن اليهود انتصروا على غطفان، ولم يذكر أن اليهود انتصروا على العرب أبدًا في الجاهلية، ولا ينتصرون إلا آخر الزمان؛ لأن الله ضرب عليهم الذلة والمسكنة إلا بحبل من الله وحبل من الناس، فهم في ذاتهم أذلهم الله، ولا يمكن أن ينتصروا أبدًا، إلا إذا ساعدهم قضاء الله وقدره، وساعدهم - أيضًا - من يساعدهم من الدول، وكما تشاهدون الآن لولا أن الدول الكافرة - خصوصًا أمريكا - تساندهم لما بقيتْ لهم بقية؛ لأنهم لا يقومون بأنفسهم أبدًا، إنما يعتمدون على غيرهم، والله جل وعلا قال لعيسى ابن مريم عليه السلام: ﴿وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوۡقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِۖ [آل عمران: 55]، فالذين اتبعوا عيسى فوق الذين كفروا به - وهم اليهود - إلى يوم القيامة، فهم أذلَّة - ولله الحمد - في كل زمان ومكان.


الشرح