×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وَهَذَا مِمَّا لَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ غَيْرُ هَذَا الْكَذَّابِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا مِمَّا وَقَعَ لَكَانَ مِمَّا تَتَوَفَّرُ دَوَاعِي الصَّادِقِينَ عَلَى نَقْلِهِ.

وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا اللَّفْظِ لَوْ كَانَ مِمَّا يَقْتَضِي السُّؤَالُ بِهِ وَالإِْقْسَامُ بِهِ عَلَى اللَّهِ تعالى، لَمْ يَكُنْ مِثْلَ هَذَا مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يعْتَمدَ عَلَيْهِ فِي الأَْحْكَامِ؛ لأَِنَّهُ أَوَّلاً لَمْ يَثْبُتْ وَلَيْسَ فِي الآْيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَوْ ثَبَتَ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ هَذَا شَرْعًا لَنَا، فَإِنَّ اللَّهَ تعالى قَدْ أَخْبَرَ عَنْ سُجُودِ إخْوَةِ يُوسُفَ وَأَبَوَيْهِ، وَأَخْبَرَ عَنِ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَهْلِ الْكَهْفِ أَنَّهُمْ قَالُوا: ﴿لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيۡهِم مَّسۡجِدٗا [الكهف: 21]، وَنَحْنُ قَدْ نُهِينَا عَنْ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ، وَلَفْظُ الآْيَةِ إنَّمَا فِيهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا، فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ. وَهَذَا كَقَوْلِهِ تعالى: ﴿إِن تَسۡتَفۡتِحُواْ فَقَدۡ جَآءَكُمُ ٱلۡفَتۡحُۖ [الأنفال: 19] وَالاِسْتِفْتَاحُ: طَلَبُ الْفَتْحِ، وَهُوَ النَّصْرُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْمَأْثُورُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْتَفْتِحُ بِصَعَالِيكِ الْمُهَاجِرِينَ ([1])؛ أَيْ: يَسْتَنْصِرُ بِهِمْ؛ أَيْ: بِدُعَائِهِمْ.

****

الشرح

قوله: «وَهَذَا مِمَّا لَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ غَيْرُ هَذَا الْكَذَّابِ»، وهو عبد الملك بن هارون، ولو كان هذا صحيحًا لسبقه إليه الرواة الثقات، فلما انفرد به دونهم، عُرف أنه خبر باطل وكذب.

قوله: «وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ...». رواية عبد الملك بن هارون لا يعتمد عليها لأمرين:

الأول: أنها لم تثبت - ولله الحمد - فهي كذب.


الشرح

([1])  أخرجه: الطبراني في الكبير رقم (857)، والضياء المقدسي في المختارة رقم (1507).