×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

الثاني: لو ثبت هذا، فشرع من قبلنا ليس شرعًا لنا، ونحن نُهينا عن هذا.

قوله: «وَلَوْ ثَبَتَ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ هَذَا شَرْعًا لَنَا»؛ لأن شرع من قبلنا إما أن يأتي شرعنا بإبطاله، وإما أن يأتي شرعنا بتصدقيه فيكون حقًّا، وإما أن يأتي شرعنا لا بتصدقيه ولا بتكذيبه، فهذا يُتوقف فيه، ونحن نهينا عن التوسل بالمخلوقين، فلو ثبت أن اليهود كانوا يتوسلون بالرسول صلى الله عليه وسلم، فنحن نهينا عن التوسل بالمخلوقين، كما أن إخوة يوسف وأبويه سجدوا له، ونحن منهيون عن السجود للمخلوق، ولما أراد مَن أراد أن يسجد للرسول صلى الله عليه وسلم منعه من ذلك ([1]).

قوله: «فَإِنَّ اللَّهَ تعالى قَدْ أَخْبَرَ عَنْ سُجُودِ إخْوَةِ يُوسُفَ وَأَبَوَيْهِ»، هذا من شريعتهم، وقد نهانا الله عن السجود للمخلوق، أما في شريعتهم فهذا جائز، وهو ليس سجود عبادة، إنما سجود تحية، ونحن نُهينا عن أن نحيي أحدًا بالسجود أو الركوع والانحناء، وإنما المصافحة، ولفظ السلام، أو المعانقة، هذا الذي شُرع لنا؛ أمَّا أن نحيي بالانحناء أو السجود، فهذا مُنعنا عنه، وإن كان جائزًا في شرع من قبلنا.

قوله: «وَأَخْبَرَ عَنِ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَهْلِ الْكَهْفِ أَنَّهُمْ قَالُوا: ﴿لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيۡهِم مَّسۡجِدٗا [الكهف: 21] ». وهم الفتية الذين آمنوا بربهم، وقصتهم مذكورة في سورة الكهف، لما عثروا عليهم أمواتًا في كهفهم تنازعوا ماذا يعملون فيهم، فقال بعضهم: ابنوا عليهم ربهم أعلم بهم؛ أي: سدوا عليهم الغار واتركوهم، ﴿قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِمۡ


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (12614).