×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 كَمَا قَالَ: «هَلْ تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ إلاَّ بِضُعَفَائِكُمْ ([1])؛ بِصَلاَتِهِمْ وَدُعَائِهِمْ وَإِخْلاَصِهِمْ». وَهَذَا قَدْ يَكُونُ بِأَنْ يَطْلُبُوا مِنَ اللَّهِ تعالى أَنْ يَنْصُرَهُمُ بِالنَّبِيِّ الْمَبْعُوثِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بِأَنْ يُعَجِّلَ بَعْثَ ذَلِكَ النَّبِيِّ إلَيْهِمْ لِيَنْتَصِرُوا بِهِ عَلَيْهِمْ؛ لاَ لأَِنَّهُمْ أَقْسَمُوا عَلَى اللَّهِ وَسَأَلُوا بِهِ، وَلِهَذَا قال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِۦۚ فَلَعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ [البقرة: 89] , فَلَوْ لَمْ تَرِدِ الآْثَارُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا مَعْنَى الآْيَةِ لَمْ يَجُزْ لأَِحَدٍ أَنْ يَحْمِلَ الآْيَةَ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُتَنَازَعِ فِيهِ بِلاَ دَلِيلٍ؛ لأَِنَّهُ لاَ دَلاَلَةَ فِيهَ عَلَيْهِ، فَكَيْفَ وَقَدْ جَاءَتِ الآْثَارُ بِذَلِكَ؟

وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَنِ الْيَهُودِ مِنْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُنْصَرُونَ، فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ شَاذٌّ وَلَيْسَ هُوَ مِنَ الآْثَارِ الْمَعْرُوفَةِ فِي هَذَا الْبَابِ، فَإِنَّ الْيَهُودَ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهَا غَلَبَتِ الْعَرَبَ، بَلْ كَانُوا مَغْلُوبِينَ مَعَهُمْ، وَكَانُوا يُحَالِفُونَ الْعَرَبَ، فَيُحَالِفُ كُلُّ فَرِيقٍ فَرِيقًا، كَمَا كَانَتْ قُرَيْظَةُ حُلَفَاءَ الأَْوْسِ، وَكَانَتِ النَّضِيرُ حُلَفَاءَ الْخَزْرَجِ.

وَأَمَّا كَوْنُ الْيَهُودِ كَانُوا يَنْتَصِرُونَ عَلَى الْعَرَبِ فَهَذَا لاَ يُعْرَفُ، بَلِ الْمَعْرُوفُ خِلاَفُهُ، وَاللَّهُ تعالى قَدْ أَخْبَرَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَقال تعالى: ﴿ضُرِبَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلذِّلَّةُ أَيۡنَ مَا ثُقِفُوٓاْ إِلَّا بِحَبۡلٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَحَبۡلٖ مِّنَ ٱلنَّاسِ وَبَآءُو بِغَضَبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَضُرِبَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلۡمَسۡكَنَةُۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَانُواْ يَكۡفُرُونَ بِ‍َٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَيَقۡتُلُونَ ٱلۡأَنۢبِيَآءَ بِغَيۡرِ حَقّٖۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعۡتَدُونَ [آل عمران: 112].

****

الشرح

قوله صلى الله عليه وسلم: «هَلْ تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ إلاَّ بِضُعَفَائِكُمْ»، الضعفاء إذا دعوا الله أقرب إلى الإجابة؛ لضعفهم، ونزول الرحمة عليهم من الله.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2896).