×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

قوله: «وَهَذَا قَدْ يَكُونُ بِأَنْ يَطْلُبُوا» أي: اليهود «مِنَ اللَّهِ تعالى أَنْ يَنْصُرَهُمْ، فَكَيْفَ وَقَدْ جَاءَتِ الآْثَارُ بِذَلِكَ؟»، الآثار الصحيحة تبين أنَّ المراد بقوله: ﴿يَسۡتَفۡتِحُونَ [البقرة: 89] , أي: يستنصرون، وليس يتوسلون.

قوله: «وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَنِ الْيَهُودِ مِنْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُنْصَرُونَ فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ شَاذٌّ»، الرواية التي جاء فيها أنهم كانوا ينصرون على غطفان، رواية شاذة مخالفة للقول الصحيح، فلا عبرة بها، ولا ذكر أن اليهود قاتلوا غطفان أبدًا.

قوله: «وَلَيْسَ هُوَ مِنَ الآْثَارِ الْمَعْرُوفَةِ فِي هَذَا الْبَابِ، فَإِنَّ الْيَهُودَ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهَا غَلَبَتِ الْعَرَبَ»، ما كان اليهود يغلبون وحدهم، وإنما إذا ساعدهم غيرهم، وأما هم وحدهم فلا يمكن أن يغلبوا أحدًا؛ لأنَّ الله ضرب عليهم الذلة والمسكنة، إلا بحبل من الله وحبل من الناس.

قوله: «وَكَانُوا يُحَالِفُونَ الْعَرَبَ فَيُحَالِفُ كُلُّ فَرِيقٍ فَرِيقًا»، كانت اليهود منبثة في جزيرة العرب في المدينة، وخيبر، وفدك، وحول بلاد طَيِّء، وما ذُكر في التاريخ أنهم انتصروا على العرب، بل كانوا يحالفون العرب الذين حولهم؛ كل فرقة من اليهود تحالف من حولها من القبائل؛ قال تعالى: ﴿ضُرِبَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلذِّلَّةُ أَيۡنَ مَا ثُقِفُوٓاْ [آل عمران: 112]: في أي مكان، ومن ذلك من كانوا في جزيرة العرب، فهم أذلة دائما وأبدًا، إلا أن يتخذوا عهدًا مع القبائل تساندهم، وتدافع عنهم.

قوله: ﴿وَضُرِبَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلۡمَسۡكَنَةُۚ، الله ضرب عليهم الذلة والمسكنة، إلا أن يستندوا إلى غيرهم، وهذا الاستناد إلى غيرهم لا يدوم، فهم أذلة دائمًا وأبدًا؛ لأن الله ضرب عليهم المسكنة والاحتياج


الشرح