فَالْيَهُودُ - مِنْ حِينِ
ضُرِبَتْ عَلَيْهِم الذِّلَّةُ أَيْنَمَا ثُقِفُوا إلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ
وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ - لَمْ يَكُونُوا بِمُجَرَّدِهِمْ يَنْتَصِرُونَ لاَ عَلَى
الْعَرَبِ وَلاَ غَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا كَانُوا يُقَاتِلُونَ مَعَ حُلَفَائِهِمْ
قَبْلَ الإِْسْلاَمِ، وَالذِّلَّةُ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ حِينِ بُعِثَ
الْمَسِيحُ عليه السلام فَكَذَّبُوهُ؛ قال تعالى: ﴿إِذۡ
قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَىٰٓ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ
مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوۡقَ ٱلَّذِينَ
كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِۖ﴾ [آل عمران: 55]، وقال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ كُونُوٓاْ أَنصَارَ ٱللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ
لِلۡحَوَارِيِّۧنَ مَنۡ أَنصَارِيٓ إِلَى ٱللَّهِۖ قَالَ ٱلۡحَوَارِيُّونَ نَحۡنُ
أَنصَارُ ٱللَّهِۖ فََٔامَنَت طَّآئِفَةٞ مِّنۢ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ وَكَفَرَت
طَّآئِفَةٞۖ فَأَيَّدۡنَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ عَلَىٰ عَدُوِّهِمۡ فَأَصۡبَحُواْ
ظَٰهِرِينَ﴾ [الصف: 14].
وَكَانُوا قَدْ
قَتَلُوا يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا وَغَيْرَهُ مِنَ الأَْنْبِيَاءِ عَلَيْهِم
الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ؛ قال تعالى: ﴿وَضُرِبَتۡ
عَلَيۡهِمُ ٱلذِّلَّةُ وَٱلۡمَسۡكَنَةُ وَبَآءُو بِغَضَبٖ مِّنَ ٱللَّهِۗ ذَٰلِكَ
بِأَنَّهُمۡ كَانُواْ يَكۡفُرُونَ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَيَقۡتُلُونَ ٱلنَّبِيِّۧنَ
بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّۗ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعۡتَدُونَ﴾ [البقرة: 61].
فَإِذَا لَمْ
يَكُنِ الصَّحَابَةُ كَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ فِي حَيَاتِهِ صلى الله
عليه وسلم وَبَعْدَ مَوْتِهِ يُقْسِمُونَ بِذَاتِهِ؛ بَلْ إنَّمَا كَانُوا
يَتَوَسَّلُونَ بِطَاعَتِهِ أَوْ بِشَفَاعَتِهِ، فَكَيْفَ يُقَالُ فِي دُعَاءِ
الْمَخْلُوقِينَ الْغَائِبِينَ وَالْمَوْتَى وَسُؤَالِهِمْ مِنَ الأَْنْبِيَاءِ
وَالْمَلاَئِكَةِ وَغَيْرِهِمْ؛ وَقَدْ قال تعالى: ﴿قُلِ ٱدۡعُواْ
ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِهِۦ فَلَا يَمۡلِكُونَ كَشۡفَ ٱلضُّرِّ عَنكُمۡ وَلَا
تَحۡوِيلًا ٥٦أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ
أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ إِنَّ
عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا ٥٧﴾ [الإسراء: 56، 57].
****
الشرح
قوله: «لَمْ يَكُونُوا بِمُجَرَّدِهِمْ يَنْتَصِرُونَ» أي: لو لم يساعدهم أحد من الناس لما انتصروا أبدًا.