وَقَدْ رَوَى
الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ: أَنَّ مُنَافِقًا كَانَ يُؤْذِي
الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: قُومُوا نَسْتَغِيثُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم مِنْ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه
وسلم: «إنَّهُ لاَ يُسْتَغَاثُ بِي؛ وَإِنَّمَا يُسْتَغَاثُ بِاللَّهِ» ([1]).
وَفِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ فِي آخِرِهِ أَنَّهُ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ: «إنَّ مَنْ
كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، أَلاَ فَلاَ
تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» ([2]).
وَفِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ أَيْضًا وَغَيْرِهِ أَنَّهُ قَالَ: «لاَ تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ
وَلاَ تُصَلُّوا إلَيْهَا» ([3]).
****
الشرح
قوله صلى الله عليه
وسلم: «إنَّهُ لاَ يُسْتَغَاثُ بِي؛
وَإِنَّمَا يُسْتَغَاثُ بِاللَّهِ»، هذا من حماية الرسول صلى الله عليه وسلم
للتوحيد، وإلا فالاستغاثة بالحي الحاضر جائزة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقدر أن
يردع هذا المنافق، لكنه أراد أن يربي أصحابه على الألفاظ اللائقة، ويُبْعدهم عن
الألفاظ الموهمة.
قوله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ»، هذا من نصيحته صلى الله عليه وسلم لأمته في آخر حياته، نصحهم وأخبرهم قبل أن يموت بقليلٍ أن من كان قبلهم من اليهود والنصارى يتخذون القبور مساجد - أي: يصلون عندها، أو يبنون عليها مساجد - فقال: «أَلاَ فَلاَ تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ».
([1]) لم أقف عليه بهذا اللفظ مسندًا، وأخرجه: أحمد رقم (22706) بنحوه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر رضي الله عنه: قوموا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقام لي؛ إنما يقام لله سبحانه وتعالى ».
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد