×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآْيَةُ: ﴿ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يَلۡبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلۡمٍ [الأنعام: 82] شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ؟ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إنَّمَا ذَاكَ الشِّرْكُ، كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ: ﴿يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ [لقمان: 13] ([1]).

****

الشرح

قوله تعالى: ﴿ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يَلۡبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلۡمٍ [الأنعام: 82] الظلم في الأصل: وضع الشيء في غير موضعه، وقد يُطلق الظلم على النقص؛ كما قال تعالى: ﴿كِلۡتَا ٱلۡجَنَّتَيۡنِ ءَاتَتۡ أُكُلَهَا وَلَمۡ تَظۡلِم مِّنۡهُ شَيۡ‍ٔٗاۚ [الكهف: 33] أي: لم تظلم منه شيئًا، لكنه في الأصل: وضع الشيء في غير موضعه، وهو ثلاثة أنواع:

النوع الأول: ظلم الشرك؛ لأنه وضع العبادة في غير موضعها، وهذا أعظم أنواع الظلم، وهذا لا يغفره الله.

النوع الثاني: ظلم النفس، بأن يظلم الإنسان نفسه بما دون الشرك من المعاصي، فهو ظلم نفسه، أي: وضعها في غير موضعها، وعرضها لغضب الله سبحانه وتعالى، وهذا تحت المشيئة، إنْ شاء الله غفره، وإنْ شاء عذب به.

النوع الثالث: ظلم العباد، والتعدي عليهم في أموالهم ودمائهم وأعراضهم، وهذا لا يترك الله منه شيئًا حتى يسامح أصحابه، لا بدَّ من إعطاء المظلومين حقوقهم يوم القيامة، ولا يترك الله من هذا الظلم شيئًا، إلا إذا تركه أصحابه المظلومون.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3360)، ومسلم رقم (124).