وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿حَسۡبُنَا
ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ﴾ قَالَ: قَالَهَا إبْرَاهِيمُ حِينَ أُلْقِيَ فِي
النَّارِ، وَقَالَها مُحَمَّدٌ حِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ: ﴿إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ
جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ
وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ﴾ [آل عمران: 173] ([1]).
****
الشرح
قوله: «حَسْبُنَا اللَّهُ» أي: كافينا، فنحن لا
نلتفت إلى تهديدات الناس، بل نعتمد على الله، ويكفينا الله شرهم، ولا نطيعهم في
معصية الله، أو نتنازل عن شيء من ديننا من أجلهم، بل نتمسك بديننا، ونخاف الله عز
وجل، ولا نخاف من الناس.
قوله: «قَالَهَا إبْرَاهِيمُ حِينَ أُلْقِيَ فِي
النَّارِ»، إبراهيم عليه السلام لما أتوا به وأوقدوا النار، ووضعوه في
المنجنيق وأطلقوه، قال وهو في الهواء: ﴿حَسۡبُنَا
ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ﴾، قال الله جل وعلا: ﴿يَٰنَارُ
كُونِي بَرۡدٗا وَسَلَٰمًا عَلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ﴾ [الأنبياء: 69]، مع
أن النار محرقة وملتهبة، يقول المفسرون: حتى أن الطيور في الجو كانت تسقط من شدة
حرارتها، فلما أتوه وجدوه في روضة خضراء، فسلمه الله من النار، وقال: ﴿كُونِي بَرۡدٗا وَسَلَٰمًا﴾، يقولون: لو قال:
كوني بردًا فقط لمات من شدة البرد، لكنه قال: ﴿وَسَلَٰمًا
عَلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ﴾ [الأنبياء: 69]. وهذه نتيجة التوكل على الله سبحانه
وتعالى.
والنبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة رضي الله عنهم لما قيل لهم - وقد أثخنتهم الجراح يوم أُحد -: إنا قد أجمعنا السير إليكم لنستأصل بقيتكم. ما هز ذلك من يقينهم وإيمانهم شيئًا، بل قالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد