وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ
حَسۡبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [الأنفال: 64]،
وَمَعْنَى ذَلكَ عِنْدَ جَمَاهِير السَّلفِ وَالخَلَفِ أَنَّ اللهَ وَحْدَهُ
حَسْبُكَ وَحَسْبُ مَنِ اتَّبعكَ مِنَ المُؤْمِنينَ، كَمَا بُسِطَ ذَلِكَ
بِالأَْدِلَّةِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الرُّسُلَ عَلَيْهِم الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ هُمُ
الْوَسَائِطُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ اللَّهِ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَوَعْدِهِ
وَوَعِيدِهِ.
****
الشرح
تقدم أنَّ الشيخ
رحمه الله ذكر أن هناك أشياء مشتركة بين الله ورسوله، وهناك أشياء خاصة بالله
سبحانه وتعالى، وهناك أشياء خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم، وذكر لذلك أمثلة،
ومن ذلك الحسب بمعنى الكافي، فإنه خاص بالله، فلا تقل: حسبي الرسول، أو حسبي فلان،
وإنما تقول: حسبي الله، حسبنا الله، قال تعالى: ﴿وَمَن
يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ﴾ [الطلاق: 3]، وقال
جل وعلا: ﴿حَسۡبُنَا ٱللَّهُ
سَيُؤۡتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ﴾ [التوبة: 59]، فلا تقل:
حسبنا الله ورسوله، وإنما هذا خاص بالله تبارك وتعالى.
لكن جاءت آية ظاهرها
أن الرسول يشترك مع الله في لفظة الحسب، وهي قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلنَّبِيُّ حَسۡبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [الأنفال: 64] وهذا
خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، ﴿حَسۡبُكَ ٱللَّهُ﴾ أي: كافيك الله، ﴿وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ﴾، فظاهر اللفظ أن
الأتباع يشاركون الله في الحسب إن اعتبرنا أن الواو عاطفة على لفظ الجلالة، ولكن
عند جماهير أهل العلم سلفًا وخلفًا أن الكلام فيه تقدير: ﴿حَسۡبُكَ ٱللَّهُ
وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ أي: وحسب من اتبعك، فحذف
الثاني؛ لأن الأول يدل عليه، فتقدير الكلام: حسبك الله، وحسب من اتبعك من
المؤمنين؛ وهذا وارد في لغة العرب بكثرة؛ كما في قول الشاعر:
|
إذا كانتِ
الهيجاءُ وانشقَّتِ العصا |
فحسبكَ
والضَّحَّاكُ سيفٌ مهنَّدُ |
«فحسبكَ والضَّحَّاكُ» أي: يكفيك ويكفي الضحاك «سيفٌ مهنَّدُ»
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد