×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 فالعبادات كثيرة، وكلها لله عز وجل لا يجوز أن يصرف منها شيء لغير الله، فمَن صرف منها شيئًا لغير الله كان مشركًا الشرك الأكبر، ومن أعظم أنواع العبادة - أو أعظمها -: الدعاء؛ قال صلى الله عليه وسلم: «الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَة» ([1]) أي: أعظم أنواع العبادة، فلا يدعى غير الله من الأموات والغائبين ويستغاث بهم، وإنما هذا يوجه إلى الله سبحانه وتعالى ويطلب منه.

قوله: «وَلاَ يَجْعَلُوا لِلَّهِ نِدًّا: لاَ فِي مَحَبَّتِهِ». من أعظم أنواع العبادة القلبية: محبة الله سبحانه وتعالى، فلا تحب معه غيره محبة عبادة وذل وخضوع، هذا خاص لله سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادٗا يُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ ٱللَّهِۖ [البقرة: 165]، ويحبون الأصنام كما يحبون الله، وهذا أعظم أنواع الكفر والعياذ بالله، فمحبة العبادة التي معها ذل وخضوع وانقياد لا تكون إلا لله سبحانه وتعالى.

قوله: «وَلاَ خَشْيَتِهِ»، الخشية من أعمال القلوب.

قوله: «وَلاَ دُعَائِهِ»، الدعاء من أعمال اللسان.

قوله: «وَلاَ الاِسْتِعَانَةِ بِهِ»، الاستعانة: طلب العون، فإن كانت الاستعانة فيما لا يقدر عليه إلا الله، فلا يجوز الاستعانة بغيره سبحانه وتعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله؛ كإنزال المطر، وجلب الأرزاق، وشفاء المرضى، وهبة الأولاد والذرية، هذا لا يطلب إلا من الله؛ لأنه لا يقدر عليه إلا الله. وأمَّا الاستعانة فيما يقدر عليه المخلوق كأن تستعين بأحدٍ في سداد ديونك، أو قضاء حوائجك، أو أن يرفع لك حاجة يناولك إياها، أو يساعدك على حمل شيء، أو على بناء، فهذا لا بأس به، قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ [المائدة: 2].


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (1479)، والترمذي رقم (2969)، وابن ماجه رقم (3828)، وأحمد رقم (18352).