وَكَذَلِكَ التَّوَسُّلُ
بِدُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَشَفَاعَتِهِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَى
وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ
يَطْلُبَ مِنْهُ الدُّعَاءَ وَالشَّفَاعَةَ، فَيَدْعُو وَيَشْفَعُ كَمَا كَانَ
يَطْلُبُ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ، وَكَمَا يَطْلُبُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
حِينَ يَأْتُونَ آدَمَ وَنُوحًا، ثُمَّ الْخَلِيلَ، ثُمَّ مُوسَى الْكَلِيمَ،
ثُمَّ عِيسَى، ثُمَّ يَأْتُونَ مُحَمَّدًا صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ
وَعَلَيْهِمْ فَيَطْلُبُونَ مِنْهُ الشَّفَاعَةَ ([1]).
وَالْوَجْهُ
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ التَّوَسُّلُ مَعَ ذَلِكَ بِأَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ تعالى
بِشَفَاعَتِهِ وَدُعَائِهِ، كَمَا فِي حَدِيثِ الأَْعْمَى الْمُتَقَدِّمِ
بَيَانُهُ وَذِكْرُهُ، فَإِنَّهُ طَلَبَ مِنْهُ الدُّعَاءَ وَالشَّفَاعَةَ،
فَدَعَا لَهُ الرَّسُولُ وَشَفَعَ فِيهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ
فَيَقُولَ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك وَأَتَوَجَّهُ إلَيْك بِهِ، اللَّهُمَّ
فَشَفِّعْهُ فِيَّ» ([2])، فَأَمَرَهُ أَنْ يَسْأَلَ
اللَّهَ تعالى قَبُولَ شَفَاعَتِهِ؛ بِخِلاَفِ مَنْ يَتَوَسَّلُ بِدُعَاءِ
الرَّسُولِ وَشَفَاعَةِ الرَّسُولِ - وَالرَّسُولُ لَمْ يَدْعُ لَهُ وَلَمْ
يَشْفَعْ فِيهِ - فَهَذَا تَوَسُّلٌ بِمَا لَمْ يُوجَدْ، وَإِنَّمَا يَتَوَسَّلُ
بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ مَنْ دَعَا لَهُ وَشَفَعَ فِيهِ.
****
الشرح
قوله: «وَكَذَلِكَ التَّوَسُّلُ بِدُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَشَفَاعَتِهِ» في حياته صلى الله عليه وسلم يتوسل بدعائه، فيطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لشخص، أو يدعو الله للناس عمومًا؛ لأنه مجاب الدعوة، فهذا توسل بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك غيره من الصالحين، فلا بأس أن تطلب من عبدٍ صالحٍ أن يدعو الله لك؛ لأن التوسل بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم أو بدعاء الصالحين حال وجودهم وحياتهم لا بأس به، وهو سببٌ من الأسباب.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4476)، ومسلم رقم (193).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد