×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

قوله: «أَحَدُهُمَا: أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ الدُّعَاءَ وَالشَّفَاعَةَ فَيَدْعُو وَيَشْفَعُ». طلب الشفاعة والدعاء من الرسول صلى الله عليه وسلم إنما يكون في الدنيا وفي الآخرة:

أمَّا الذي في الدنيا، فكما كان الصحابة رضي الله عنهم إذا أجدبوا يطلبون منه صلى الله عليه وسلم أن يدعو لهم بنزول المطر، فيرفع صلى الله عليه وسلم يديه ويدعو، وهم يؤمِّنون على دعائه، فينزل اللهُ المطر.

أمَّا في الآخرة، فذلك في يوم القيامة الذي يجمع فيه الأولون والآخرون، إذا تضايقوا من المحشر، ومن الضنك، ومن طول القيام على أقدامهم ومن الحر الشديد، يتقدمون للأنبياء أولي العزم ليدعوا الله لهم بأن يريحهم من الموقف، وأن يصرفهم من الموقف إلى الحساب، فيعتذر الأنبياءُ - آدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، يعتذرون لهيبة الموقف في هذا اليوم - فيأتون إلى محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، ويطلبون منه ذلك، فيشفع لهم، ويدعو الله بأن يريحهم من الموقف.

أمَّا الاستشفاع به صلى الله عليه وسلم بعد موته، أو طلب الدعاء منه بعد موته، أو من غيره من الأموات، فلا يجوز؛ لأن الميت لا يستطيع أن يدعو لأحد، فقد انقطع عمله من الدعاء والاستغفار وغيره، فلا يجوز الاستشفاع بالأموات، لا بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا بغيره.

ومن الاستشفاع بدعائه صلى الله عليه وسلم في حياته: ما فعله الأعمى الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وطلب منه أن يشفع له في رد بصره، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم ووجهه إلى أن يصلي ويدعو، ويطلب من الله أن يشفع فيه نبيه صلى الله عليه وسلم؛ فردَّ الله عليه بصره؛ لأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان حيًّا حاضرًا، فاجتمع دعاءُ الرجل ودعاءُ النبي صلى الله عليه وسلم، فحصلت النتيجة بإذن الله.


الشرح