وَمِنْ هَذَا الْبَابِ
قَوْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقْتَ الاِسْتِسْقَاءِ
كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّ عُمَرَ وَالْمُسْلِمِينَ تَوَسَّلُوا بِدُعَاءِ
الْعَبَّاسِ، وَسَأَلُوا اللَّهَ تعالى مَعَ دُعَاءِ الْعَبَّاسِ ([1])، فَإِنَّهُمُ
اسْتَشْفَعُوا جَمِيعًا، وَلَمْ يَكُنِ الْعَبَّاسُ وَحْدَهُ هُوَ الَّذِي دَعَا
لَهُمْ، فَصَارَ التَّوَسُّلُ بِطَاعَتِهِ وَالتَّوَسُّلُ بِشَفَاعَتِهِ، كُلٌّ
مِنْهُمَا يَكُونُ مَعَ دُعَاءِ الْمُتَوَسِّلِ وَسُؤَالِهِ، وَلاَ يَكُونُ
بِدُونِ ذَلِكَ.
****
الشرح
فلو كان الاستشفاع
بالرسول صلى الله عليه وسلم وطلب الدعاء منه بعد موته جائزًا أو نافعًا، لما عدل
الصحابة رضي الله عنهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم إلى العباس رضي الله عنه؛ لأن
الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل من العباس، ولكن لما كان الميت لا يُطلب منه شيء
توجهوا إلى العباس؛ لأنه حيٌّ بينهم حاضر، فدعا لهم، فسقاهم الله عز وجل؛ وذلك لأن
العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم، فيمتاز بالقرابة من الرسول صلى الله عليه
وسلم، ولهذا قال عمر رضي الله عنه: «اللَّهُمَّ
إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا» أي: يوم كان
الرسول صلى الله عليه وسلم حيًّا، «وَإِنَّا
نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا»، فالقرابة لها فضل إذا
كانت مع الإيمان، فهذا وجه كون الصحابة رضي الله عنهم عدلوا عن الرسول صلى الله
عليه وسلم إلى العباس رضي الله عنه، فدل على أن الميت لا يُطلب منه شيء، لا
الأنبياء، ولا غيرهم، وإنما هذا خاص بالحي الحاضر القادر.
قوله: «فَإِنَّهُمُ اسْتَشْفَعُوا جَمِيعًا، وَلَمْ يَكُنِ الْعَبَّاسُ وَحْدَهُ هُوَ الَّذِي دَعَا لَهُمْ»، دعوا جميعًا، لكن قدموا العباس رضي الله عنه لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكذلك الذي يطلب الدعاء من إخوانه لا يتكل على هذا،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1010).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد