فَإِنْ ذَمَّ مَنْ
خَالَفَهُ وَسَعَى فِي عُقُوبَتِهِ كَانَ ظَالِمًا جَاهِلاً مُعْتَدِيًا، وَإِنْ
حَكَمَ بِذَلِكَ فَقَدْ حَكَمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ، وَكَانَ حُكْمُهُ
مَنْقُوضًا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ إلَى أَنْ يُسْتَتَابَ مِنْ هَذَا
الْحُكْمِ وَيُعَاقَبَ عَلَيْهِ أَحْوَجَ مِنْهُ إلَى أَنْ يُنَفَّذَ لَهُ هَذَا
الْحُكْمُ وَيُعَانَ عَلَيْهِ.
****
الشرح
قوله: «فَإِنْ ذَمَّ مَنْ خَالَفَهُ وَسَعَى فِي
عُقُوبَتِهِ كَانَ ظَالِمًا جَاهِلاً مُعْتَدِيًا»، إذا دعا بالمخلوقين، أو
بجاه المخلوقين صار مبتدعًا مخالفًا لسُنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا زاد
على ذلك وأضاف إليه ذم من خالفه وسبه؛ لأنه نهاه عن البدعة، فهذه زيادة شر، وأعظم
من ذلك لو عاقبه أو سجنه، فهذا أعظم الظلم والعياذ بالله، فأضاف على بدعته أنه آذى
عباد الله بالذم والسباب والشتم، وأعظم من ذلك أن ينالهم بعذابٍ، أو يشي بهم عند
الظلمة، هذا لا يجوز، قال تعالى: ﴿وَمَا
نَقَمُواْ مِنۡهُمۡ إِلَّآ أَن يُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ﴾ [البروج: 8].
قوله: «وَسَعَى فِي عُقُوبَتِهِ» عند الولاة
الظلمة، لا لشيء إلا لأنه يدعو إلى التوحيد، ويأمر بعبادة الله، وينكر البدع
والشرك. وأهل الضلالة لا يسكتون عليه، إما أن يبطشوا به، وإذا لم يقدروا على البطش
به سعوا به إلى السلاطين والظلمة.
قوله: «وَإِنْ حَكَمَ بِذَلِكَ فَقَدْ حَكَمَ
بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّه»، إن كان قاضيًا وحكم على من يدعو إلى الله
بالضرب أو بالسجن، فقد حكم بغير ما أنزل الله، والحكم بغير ما أنزل الله يكون
كفرًا أحيانًا، ويكون كبيرة من كبائر الذنوب.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد