الأَْصْلُ الثَّانِي: أَنْ
نَعْبُدَهُ بِمَا شَرَعَ عَلَى أَلْسُنِ رُسُلِهِ لاَ نَعْبُدُهُ إلاَّ بِوَاجِبٍ
أَوْ مُسْتَحَبٍّ، وَالْمُبَاحُ إذَا قُصِدَ بِهِ الطَّاعَةُ دَخَلَ فِي ذَلِكَ،
وَالدُّعَاءُ مِنْ جُمْلَةِ الْعِبَادَاتِ؛ فَمَنْ دَعَا الْمَخْلُوقِينَ مِنَ
الْمَوْتَى وَالْغَائِبِينَ وَاسْتَغَاثَ بِهِمْ - مَعَ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ لَمْ
يَأْمُرْ بِهِ اللَّهُ وَلاَ رَسُولُهُ أَمْرَ إيجَابٍ وَلاَ اسْتِحْبَابٍ - كَانَ
مُبْتَدِعًا فِي الدِّينِ مُشْرِكًا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ، مُتَّبِعًا غَيْرَ
سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ. وَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ تعالى بِالْمَخْلُوقِينَ، أَوْ
أَقْسَمَ عَلَيْهِ بِالْمَخْلُوقِينَ كَانَ مُبْتَدِعًا بِدْعَةً مَا أَنْزَلَ
اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ.
****
الشرح
قوله: «الأَْصْلُ الثَّانِي» من أصول الدين: «أَنْ نَعْبُدَهُ بِمَا شَرَعَ عَلَى
أَلْسُنِ رُسُلِهِ»، وهذا معنى شهادة أن محمدًا رسول الله، «لاَ نَعْبُدُهُ إلاَّ بِوَاجِبٍ أَوْ
مُسْتَحَبٍّ»؛ لأن العبادات إمَّا أن تكون واجبة، وإما أن تكون مستحبة؛
والواجب: ما يثاب فاعله ويُعاقب تاركه، والمستحب: ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه.
والعبادة مقصورة على هذين النوعين، أما المباح: فلا إثم فيه ولا أجر، وأما
المحرَّم أو المكروه: فلا يجوز فعلهما.
قوله: «وَالْمُبَاحُ إذَا قُصِدَ بِهِ الطَّاعَةُ دَخَلَ فِي ذَلِكَ». الأصل في المباح أنه لا ثواب فيه ولا عقاب، فهو متساوي الطرفين، إلا إذا قصد به في استعماله الاستعانة على طاعة الله، فإنه يصير عبادة، مثل: إذا قصد بالنوم في النهار أن يقوم في الليل، فإنه يؤجر على نومه، والنوم في الأصل غير عبادة، لكن في هذه الحالة لما قصد به الاستعانة على العبادة صار عبادة.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد