×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

وَذَلِكَ لأَِنَّ أَوَّلَ مَا حَدَثَ الشِّرْكُ فِي بَنِي آدَمَ كَانَ فِي قَوْمِ نُوحٍ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ عَشَرَةُ قُرُونٍ كُلُّهُمْ عَلَى الإِْسْلاَمِ ([1]).

وَثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ نُوحًا أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إلَى أَهْلِ الأَْرْضِ ([2])، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تعالى عَنْ قَوْمِهِ أنَّهُمْ قَالُوا: ﴿وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا ٢٣وَقَدۡ أَضَلُّواْ كَثِيرٗاۖ وَلَا تَزِدِ ٱلظَّٰلِمِينَ إِلَّا ضَلَٰلٗا ٢٤ [نوح: 23، 24]. قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ: هَؤُلاَءِ كَانُوا قَوْمًا صَالِحِينَ فِي قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا مَاتُوا عَكَفُوا عَلَى قُبُورِهِمْ، فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِم الأَْمَدُ عَبَدُوهُمْ ([3]).

****

الشرح

قوله: «وَذَلِكَ لأَِنَّ أَوَّلَ مَا حَدَثَ الشِّرْكُ فِي بَنِي آدَمَ كَانَ فِي قَوْمِ نُوحٍ»، مما يدل على أن الغلو في الصالحين يسبب الشرك ما حصل لقوم نوح، فقد كانوا على دين التوحيد، وعلى ملة آدم عليه السلام، وتوحيد الله وعبادته، حتى مات منهم رجال صالحون وعلماء، فافتقدوهم وحزنوا عليهم، فجاءهم الشيطان، واستغل الفرصة، وقال: صوروا صورهم وانصبوها على المجالس؛ لأجل أن تتذكروا حالهم، فتنشطوا على العبادة، فجاءهم من هذا الطريق، ففعلوا ذلك، وصوروا صورهم فنصبوها، ثم لم تعبد أول ما وضعت؛ لأن المسلمين كانوا على التوحيد، وفيهم علماء ينهون عن الشرك بالله عز وجل، وإنما الغرض من هذه الصور النشاط لعبادة الله عز وجل، وتذكر أحوال الصالحين، هذا غرضهم من ذلك.


الشرح

([1])  أخرجه: الطبري في تفسيره (2/ 334)، وابن أبي حاتم في تفسيره (8/ 2696).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (4476)، ومسلم رقم (193).

([3])  انظر: تفسير الطبري (23/ 640)، وتفسير القرطبي (18/ 308).