×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 أولاً: دعا ربه فقال: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ»، ثم دعا على الذين غلوا في قبور أنبيائهم، فقال: «اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» من اليهود والنصارى، وغيرهم.

قوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تتخذوا قَبْرِي عِيدًا» أي: لا ترددوا عليه، وتجلسوا عنده، وتقفوا عنده للدعاء؛ إنما السلام المشروع فقط كما فعله الصحابة رضي الله عنهم، أما الدعاء عنده واستقباله للدعاء فلا يجوز، وكذلك التردد عليه كلما دخل المسجد يذهب إليه لا يجوز؛ لأن هذا من اتخاذه عيدًا، والله استجاب دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم، فحمى قبره من ذلك.

قد يقول قائل: أنا لا أذهب إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم لأجل الدعاء عنده أو لأجل التبرك به، وإنما أذهب لأصلي عليه؛ لأن الله أمرنا أن نصلي ونسلم عليه، قال الله جل وعلا: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّۚ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيۡهِ وَسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا [الأحزاب: 56] فأنا أذهب لقبر الرسول صلى الله عليه وسلم لأصلي عليه امتثالاً لأمر الله!!

فيقال له: قد أجاب النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا بجوابٍ حاسمٍ، فقال: «وَصَلُّوا عَلَيَّ حَيْثُمَا كُنْتُمْ؛ فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ»، فلا حاجة أن تذهب إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم للصلاة والسلام عليه، بل صلِّ وسلمْ عليه في أي مكان، وسيبلغه ذلك، ويرد عليك كما جاءت به الأحاديث.

قال صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي»، فليس بلوغ الصلاة مقصورًا على الوقوف عنده، بل إن الله يبلغه سلام أمته في أي مكان.


الشرح