×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وَفِي الصَّحِيحِ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» ([1]).

****

الشرح

الإطراء: شدة المدح والغلو في المدح، قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُطْرُونِي» أي: لا تغلوا فيَّ وتشتدوا في مدحي، «كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ»، فرفعوه عن درجة البشرية إلى درجة الألوهية، قال تعالى: ﴿لَّقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡمَسِيحُ [المائدة: 17]، ﴿لَّقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلَٰثَةٖۘ [المائدة: 73]، ﴿وَقَالَتِ ٱلنَّصَٰرَى ٱلۡمَسِيحُ ٱبۡنُ ٱللَّهِۖ [التوبة: 30]، هذا إطراء - والعياذ بالله - وغلو في حق عيسى عليه السلام، من أنه عليه السلام صرح أنه عبد الله: ﴿قَالَ إِنِّي عَبۡدُ ٱللَّهِ ءَاتَىٰنِيَ ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلَنِي نَبِيّٗا [مريم: 30]، ﴿وَقَالَ ٱلۡمَسِيحُ يَٰبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمۡۖ إِنَّهُۥ مَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ ٱلۡجَنَّةَ وَمَأۡوَىٰهُ ٱلنَّارُۖ [المائدة: 72]، هذا كلام المسيح الذي حكاه الله سبحانه وتعالى عنه؛ لكنهم - والعياذ بالله - خالفوه فغلوا فيه وجعلوه في مرتبة الألوهية، تعالى الله عمَّا يقولون.

فنهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلو الذي يجرنا إلى مثل هذا، ثم قال: «فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ»، هذه مرتبته صلى الله عليه وسلم أنه عبد الله، ليس له شرك مع الله في الربوبية أو الألوهية، إنما هو عبد مثلنا، وبشر مثلنا،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3445).