×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

ثم قام صلى الله عليه وسلم بعد أن قال ذلك، ودخل منزله، فخاض الناس، أي: بحثوا في هؤلاء السبعين من هم؛ لحرصهم على الخير، فقال بعضهم: لعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا الله شيئًا، وقال بعضهم: لعلهم الذين صحبوا الرسول صلى الله عليه وسلم وذكروا أشياء. ثم خرج صلى الله عليه وسلم فسألوه، فقال: «هُمُ الَّذِينَ لاَ يَسْتَرْقُونَ، وَلا يَتَطَيَّرُونَ، وَلا يَكتوونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ»، فهم تركوا الشرك والتطير؛ لأن الطيرة شرك، «لاَ يَسْتَرْقُونَ» أي: لا يطلبون من الناس شيئًا استغناء بالله عز وجل، حتى الرقية لا يطلبونها من أحد، وإنما يرقون أنفسهم هم فقط، ويرقون غيرهم من باب الإحسان، مع أنهم لا يطلبونها من الناس، فهم تعففوا عن ذلك استغناء بالله سبحانه، «وَلا يَكتوونَ» أي: لا يكتوون بالنار، والكي علاج نبوي، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم يكرهه؛ لما فيه من التعذيب، لكن عند الحاجة تزول الكراهة، مَن احتاج إلى الكي اكتوي وتزول الكراهة، «وَلا يَكتوونَ» أي: تجنبوا الشرك والمكروهات، وهؤلاء هم السابقون الأولون، وهم المقربون الذين فعلوا الواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات والمكروهات، وبعض الحاجات من باب الاحتياط، فهؤلاء هم الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب، فهم ليس عندهم ذنوب ولا سيئات.

الشاهد منه قوله: «لاَ يَسْتَرْقُونَ» أي: لا يطلبون الرقية تعففًا واستغناء بالله، ويرقون أنفسهم هم، فلا يحتاجون إلى الناس، فهذا فيه الاستغناء عن الناس، وأنه مهما أمكن أن تستغني عن الناس فإن هذا هو الأفضل.

قوله: «وَالاِسْتِرْقَاءُ: أَنْ يَطْلُبَ مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَرْقِيَهُ، وَالرُّقْيَةُ مِنْ نَوْعِ الدُّعَاء»، الرقية دعاء، والراقي يدعو للمريض بالشفاء، ويعوذه بالله، فيدعو له.


الشرح