فقال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُطْرُونِي» أي: لا تزيدوا في مدحي «كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنِ
مَرْيَمَ؛ إنَّمَا أَنَا عَبْدٌ فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» ([1])، وفي روايةٍ: قال
صلى الله عليه وسلم: «لاَ
يَسْتَهْوِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَبْدُ
اللهِ وَرَسُولُهُ، وَاللهِ مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي
الَّتِي أَنْزَلَنِي اللهُ» ([2]).
فنهاهم عن ذلك خشية
أن يزيد الأمر إلى الشرك، ولا شك أن الشرع جاء بسد الذرائع، فهذا كله حماية
للتوحيد، وحماية للناس أن يتساهلوا ويأتوا بالألفاظ الكبيرة التي لا تليق
بالمخلوق، وإنما يتخاطبون فيما بينهم بالألفاظ المألوفة التي لا محذور فيها.
والاستغاثة لا تكون
إلا عند الكرب والضيق والشدة، قال تعالى: ﴿إِذۡ
تَسۡتَغِيثُونَ رَبَّكُمۡ فَٱسۡتَجَابَ﴾، لما تقابل المسلمون مع
المشركين في بدر، والمسلمون قلة، جعل النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه، كل الليل
وهو يدعو ربه أن ينصر المسلمين؛ لأنهم في موقف حرج جدًّا، ﴿إِذۡ
تَسۡتَغِيثُونَ رَبَّكُمۡ فَٱسۡتَجَابَ لَكُمۡ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلۡفٖ مِّنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ
مُرۡدِفِينَ﴾ [الأنفال: 9] فالاستغاثة في الغالب تكون في المواقف
الحرجة التي لا يقدر عليها إلا الله سبحانه وتعالى، فلذلك نهاهم عن هذه اللفظة.
قوله: «فَجَاءُوا إلَيْهِ فَقَالَ: «إنَّهُ لاَ يُسْتَغَاثُ بِي؛ وَإِنَّمَا يُسْتَغَاثُ بِاللَّهِ»، وَهَذَا فِي الاِسْتِعَانَةِ مِثْلُ ذَلِكَ». الاستعانة مثل الاستغاثة؛ إلا أن الاستغاثة أخص من الاستعانة، والتحرز من التلفظ بها أحسن، أما الاستعانة، فلا بأس أن تقول: أعني، أعطني كذا، لا بأس من هذا اللفظ فليس به محذور.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3445).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد