×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

بالجاه، لا يجوز أن تقول: أسألك بجاه نبيك، أو بجاه فلان. نعم الأنبياء لهم جاه عند الله، كما في قوله تعالى في موسى عليه السلام: ﴿وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهٗا [الأحزاب: 69]، وقال في عيسى عليه السلام: ﴿وَجِيهٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَمِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ [ال عمران: 45]، فنحن نثبت أن لهم جاهًا عظيمًا عند الله، ولكن لا يجوز لنا أن نتوسل بجاههم؛ لأن هذا لم يرد في كتاب ولا سنة، ولا عن السلف الصالح.

وأما ما يرونه - وهذا سيأتي - أنه صلى الله عليه وسلم قال: «توسلوا بجاهي؛ فإن جاهي عند الله عظيم» أو «عريض»، قال شيخ الإسلام: هذا حديث باطل مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم، ليس في شيء من دواوين السُّنة.

قوله: «لَكِنْ مَا لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْمَنَازِلِ وَالدَّرَجَاتِ أَمْرٌ يَعُودُ نَفْعُهُ إلَيْهِمْ»، الجاه يعود نفعه لصاحبه، أمَّا نحن ليس لنا بهذا علاقة، إنما علاقتنا بالاتباع والمحبة والطاعة التي هي عمل من أعمالنا، لا من أعمال غيرنا. وكما سبق لا يجوز أن تتوسل إلى الله بعمل غيرك كائنًا من كان، من نبي أو ولي أو صالح؛ بل توسل إلى الله بعملك أنت، هذا الذي ورد في الكتاب والسنة، أمَّا عمل غيرك فله، فاليهود والنصارى يمدحون أنفسهم بأنهم من أولاد الأنبياء، ومن بني إسرائيل؛ لأنهم من أولاد يعقوب عليه السلام، ويظنون أن هذا ينفعهم، قال الله جل وعلا: ﴿تِلۡكَ أُمَّةٞ قَدۡ خَلَتۡۖ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَلَكُم مَّا كَسَبۡتُمۡۖ وَلَا تُسۡ‍َٔلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ [البقرة: 134]، فلا علاقة لكم بعملهم، إنما علاقتكم باتباعهم ومحبتهم وطاعتهم، هذا عملكم أنتم.

قوله: «وَنَحْنُ نَنْتَفِعُ مِنْ ذَلِكَ بِاتِّبَاعِنَا لَهُمْ وَمَحَبَّتِنَا لَهُمْ، فَإِذَا تَوَسَّلْنَا إلَى اللَّهِ تعالى بِإِيمَانِنَا بِنَبِيِّهِ وَمَحَبَّتِهِ وَمُوَالاَتِهِ وَاتِّبَاعِ سُنَّتِهِ، فَهَذَا أَعْظَمُ


الشرح