وَقَدْ قال تعالى: ﴿وَٱتَّقُواْ
ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ﴾ [النساء: 1]
فَعَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ بِالنَّصْبِ: إنَّمَا يَسْأَلُونَ بِاللَّهِ
وَحْدَهُ لاَ بِالرَّحِمِ، وَتَسَاؤُلُهُمْ بِاللَّهِ تعالى يَتَضَمَّنُ إقْسَامَ
بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ بِاللَّهِ وَتَعَاهُدَهُمْ بِاللَّهِ. وَأَمَّا عَلَى
قِرَاءَةِ الْخَفْضِ فَقَدْ قَالَ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ: هُوَ قَوْلُهُمْ:
أَسْأَلُك بِاللَّهِ وَبِالرَّحِمِ، وَهَذَا إخْبَارٌ عَنْ سُؤَالِهِمْ.
****
الشرح
قوله تعالى: ﴿وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي
تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ﴾ بالنصب قراءة الجمهور؛ أي:
اتقوا الله واتقوا الأرحام تقطعوها، فهو على حذف فعل مقدر يدل عليه ما سبق، فليس
في الآية حجة لهم، وهي قراءة الجمهور، وهي المثبتة في المصحف العثماني الذي يقرأ
به المسلمون عامة.
وهناك قراءة بالكسر:
﴿وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي
تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ﴾ عطفًا على ضمير الغائب في قوله:
﴿تَسَآءَلُونَ بِهِۦ﴾، فتكون الباء جارة
للضمير، وجارة للأرحام: «به والأرحامِ»،
فما معنى ذلك؟ هل المراد التوسل بذوات الأرحام؟ أو التوسل بحق الرحم؟ هو التوسل
بحق الرحم وهي الصلة بين الأقارب، وليس المقصود ذوات الأرحام، مع أن هذه القراءة
شاذة، حتى قال الكسائي: لو قرأ بها إمام في الصلاة لأخذت نَعْلِي ومضيتُ؛ لأنها
قراءة شاذة.
قوله: «فَعَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ بِالنَّصْبِ إنَّمَا يَسْأَلُونَ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لاَ بِالرَّحِمِ»، يتساءلون به هذا خاص بالله، والأرحام، أي: اتقوا الله، واتقوا الأرحام.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد