وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ
لَيْسَ بِدَلِيلٍ عَلَى جَوَازِهِ، فَإِنْ كَانَ دَلِيلاً عَلَى جَوَازِهِ،
فَمَعْنَى قَوْلِهِ: أَسْأَلُك بِالرَّحِمِ، لَيْسَ إقْسَامًا بِالرَّحِمِ،
وَالْقَسَمُ هُنَا لاَ يَسُوغُ، لَكِنْ بِسَبَبِ الرَّحِمِ؛ أَيْ لأَِنَّ
الرَّحِمَ تُوجِبُ لأَِصْحَابِهَا بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ حُقُوقًا، كَسُؤَالِ
الثَّلاَثَةِ لِلَّهِ تعالى بِأَعْمَالِهِمْ الصَّالِحَةِ، وَكَسُؤَالِنَا
بِدُعَاءِ النَّبِيِّ وَشَفَاعَتِهِ.
وَمِنْ هَذَا
الْبَابِ مَا رُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ:
أَنَّ ابْنَ أَخِيهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ كَانَ إذَا سَأَلَهُ بِحَقِّ
جَعْفَرٍ أَعْطَاهُ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الإِْقْسَامِ؛ فَإِنَّ
الإِْقْسَامَ بِغَيْرِ جَعْفَرٍ أَعْظَمُ، بَلْ مِنْ بَابِ حَقِّ الرَّحِمِ؛ لأَِنَّ
حَقَّ اللَّهِ إنَّمَا وَجَبَ بِسَبَبِ جَعْفَرٍ، وَجَعْفَرٌ حَقُّهُ عَلَى
عَلِيٍّ.
وَمِنْ هَذَا
الْبَابِ: الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي دُعَاءِ الْخَارِجِ إلَى الصَّلاَةِ: «اللَّهُمَّ
إنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْك، وَبِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا،
فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا وَلاَ بَطَرًا، وَلاَ رِيَاءً وَلاَ سُمْعَةً؛
وَلَكِنْ خَرَجْتُ اتِّقَاءَ سَخَطِك وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِك، أَسْأَلُك أَنْ
تُنْقِذَنِي مِنَ النَّارِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ إلاَّ أَنْتَ» ([1]).
****
الشرح
قوله: «وَالْقَسَمُ هُنَا لاَ يَسُوغُ لَكِنْ
بِسَبَبِ الرَّحِمِ». الباء سببية وليست باء القسم، فإذا كانت سببية فلا إشكال
فيها.
قوله: «أَيْ لأَِنَّ الرَّحِمَ تُوجِبُ لأَِصْحَابِهَا بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ حُقُوقًا، كَسُؤَالِ الثَّلاَثَةِ لِلَّهِ تعالى بِأَعْمَالِهِم الصَّالِحَةِ»، فليست للقسم حتى يكون
([1]) أخرجه: ابن ماجه رقم (778). وأحمد رقم (11156)، والطبراني في الدعاء رقم (421).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد