×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي إسْنَادِهِ عَطِيَّةُ العوفي، وَفِيهِ ضَعْفٌ، فَإِنْ كَانَ مِنْ كَلاَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ لِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لأَِنَّ فِيهِ السُّؤَالَ لِلَّهِ تعالى بِحَقِّ السَّائِلِينَ وَبِحَقِّ الْمَاشِينَ فِي طَاعَتِهِ، وَحَقُّ السَّائِلِينَ أَنْ يُجِيبَهُمْ، وَحَقُّ الْمَاشِينَ أَنْ يُثِيبَهُمْ، وَهَذَا حَقٌّ أَوْجَبَهُ اللَّهُ تعالى، وَلَيْسَ لِلْمَخْلُوقِ أَنْ يُوجِبَ عَلَى الْخَالِقِ تعالى شَيْئًا.

وَمِنْهُ قَوْله تعالى: ﴿كَتَبَ رَبُّكُمۡ عَلَىٰ نَفۡسِهِ ٱلرَّحۡمَةَ [الأنعام: 54] وقَوْله تعالى: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيۡنَا نَصۡرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ [الروم: 47] وقَوْله تعالى: ﴿وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقّٗا فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ وَٱلۡقُرۡءَانِۚ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِۚ [التوبة: 111].

****

الشرح

الجواب الأول: أن الحديث لا يحتج به لضعفه؛ لأنه من رواية عطية العوفي، وهو ضعيف من ناحية الرواية، وأيضًا عنده تشيع، فهو مجروح بعدم حفظه، ومجروح من جهة مذهبه، فلا تقوم به حجة.

الجواب الثاني: لو صح الحديث فهو يسأل بحق السائلين، وهو الإجابة؛ لأن الله وعد السائلين بأنه يجيبهم: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ [غافر: 60]، وفي الحديث القدسي: «مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَتُوبُ فَأَتُوبُ عَلَيْهِ» ([1]).

هذا حق السائلين أن الله يجيبهم، والإجابة صفة من صفات الله، فهو توسل إلى الله بصفة من صفاته، وهي إجابة السائلين، فالسائلون


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1145)، ومسلم رقم (758).