الْوَجْهُ الثَّانِي:
أَنَّ الدُّعَاءَ لَهُ سبحانه وتعالى وَالْعَمَلَ لَهُ سَبَبٌ لِحُصُولِ مَقْصُودِ
الْعَبْدِ، فَهُوَ كَالتَّوَسُّلِ بِدُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
وَالصَّالِحِينَ مِنْ أُمَّتِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الدُّعَاءَ بِالنَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم وَالصَّالِحِ، إمَّا أَنْ يَكُونَ إقْسَامًا بِهِ أَوْ سَبَبًا
بِهِ، فَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ: «بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ» إقْسَامًا فَلاَ
يُقْسَمُ عَلَى اللَّهِ إلاَّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ سَبَبًا فَهُوَ سَبَبٌ بِمَا
جَعَلَهُ هُوَ سُبْحَانَهُ سَبَبًا، وَهُوَ دُعَاؤُهُ وَعِبَادَتُهُ. فَهَذَا
كُلُّهُ يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ دُعَاءٌ لَهُ
بِمَخْلُوقٍ مِنْ غَيْرِ دُعَاءٍ مِنْهُ وَلاَ عَمَلٍ صَالِحٍ مِنَّا.
****
الشرح
قوله: «الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الدُّعَاءَ لَهُ
سبحانه وتعالى وَالْعَمَلَ لَهُ سَبَبٌ لِحُصُولِ مَقْصُودِ الْعَبْدِ»، يعني:
أن سؤال الله تعالى بحق السائلين ليس إقسامًا، وإنما هو سبب، والباء في قوله:
«بحقِّ السائلين» سببية؛ أي: بسبب حق
السائلين عليك، ويصلح أن يكون إقسامًا، أسألك بحق السائلين؛ لأنه أقسم على الله
بصفة من صفاته، وهي صفة الإجابة التي أوجبها على نفسه للسائلين.
قوله: «فَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ: «بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ» إقْسَامًا، فَلاَ
يُقْسَمُ عَلَى اللَّهِ إلاَّ بِهِ»، هو أقسم على الله به سبحانه وتعالى، أي: بصفة
من صفاته، ولم يقسم عليه بمخلوقٍ.
قوله: «وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ دُعَاءٌ لَهُ بِمَخْلُوقٍ مِنْ غَيْرِ دُعَاءٍ مِنْهُ وَلاَ عَمَلٍ صَالِحٍ مِنَّا». كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم لا يتناقضان أبدًا، بل يفسرا بعضهما بعضًا، ويوضح بعضهما بعضًا، لكن هذا يحتاج إلى فقهٍ وبصيرةٍ من العبد، وطالب العلم إذا كان ذا فقه ومعرفة لم يلتبس عليه كلام الله وكلام رسوله؛ لأنه يرد هذا إلى هذا، ويفسر هذا بهذا،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد