﴿فَسَۡٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ
إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [النحل: 43]، أما مجرد أن تفتح كتابًا وترى فيه خلافًا،
أو تضرب بأصبعك على جهاز المسجل ويطلع لك خلافات وأقوال، وتفرح وتقول: هذه المسألة
واسعة! هذا لا يجوز، هذا من اتباع الهوى والشهوة، لكن انظر الذي عليه الدليل من
أقوال أهل العلم؛ لأن الكل يخطئ ويصيب إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخذْ ما
قام عليه الدليل إذا كنت تريد النجاة لنفسك، أما إذا كنت تريد الهوى واتباع
الشهوة، فلك ما اخترت لنفسك. والآن كل شيء يقولون: فيه خلاف، فلا تضيقوا على
الناس! ونحن لا نأخذ إلا بالدليل من الكتاب والسنة، فمن وافق الدليل أخذنا بقوله،
ومن خالف الدليل تركنا قوله، وأما هو في نفسه فقد يكون مجتهدًا وله أجر، أو يكون
صاحب هوى وعليه وزر.
قوله: «وَهُوَ سُؤَالٌ بِسَبَبٍ لاَ يَقْتَضِي
حُصُولَ الْمَطْلُوبِ». السؤال بالذات لا يقتضي حصول المطلوب، كل الدنيا ذوات؛
الإنسان ذات، الحيوان ذات، كل شيء له ذات، والذات نفسها ليس فيها فرق، إنما الفرق
بالعمل والاتباع والاقتداء.
قوله: «بِخِلاَفِ مَنْ كَانَ طَالِبًا بِالسَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِحُصُولِ الْمَطْلُوبِ؛ كَالطَّلَبِ مِنْهُ سُبْحَانَهُ بِدُعَاءِ الصَّالِحِينَ وَبِالأَْعْمَالِ الصَّالِحَةِ». أنت لو قلت: أسألك بذات فلان من عبادك الصالحين، لا يجوز؛ لأن الذات ليس لها تأثير، إنما الكلام على الدعاء، فتقول: ادع لي يا فلان أن الله يشفيني ويرزقني، فهذا يجوز؛ لأن الدعاء عبادة، أما الذات فليس لها تأثير أبدًا، الذي له تأثير بإذن الله هو الدعاء، فبدل أن نقول: أسألك بدعاء فلان أن يدعو لي، كما قال الأعمى لما دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ»، أي: اقبل شفاعته فِيَّ، فشفع له، أي: دعا له.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد