×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وَإِنْ كَانَ السَّلاَمُ عَلَى أَهْلِ الْقُبُورِ جَائِزًا وَمُخَاطَبَتُهُمْ جَائِزَةً، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ إذَا زَارُوا الْقُبُورَ أَنْ يَقُولَ قَائِلُهُمُ: «السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاَحِقُونَ، يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ، نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ. اللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ وَلاَ تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ» ([1]).

وَرَوَى أَبُو عُمَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ الرَّجُلِ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ؛ إلاَّ رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ رُوحَهُ حَتَّى يَرُدَّ عَليْه السَّلام» ([2]). وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ؛ إلاَّ رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَليْه السَّلام» ([3])، لَكِنْ لَيْسَ مِنَ الْمَشْرُوعِ أَنْ يُطْلَبَ مِنَ الأَْمْوَاتِ لاَ دُعَاءٌ وَلاَ غَيْرُهُ.

وَفِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: السَّلاَمُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَتِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ ([4]). وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقِفُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَدْعُو لأَِبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.

وَكَذَلِكَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ نُقِلَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا أَرَادُوا الدُّعَاءَ اسْتَقْبَلُوا الْقِبْلَةَ يَدْعُونَ اللَّهَ تعالى؛ لاَ يَدْعُونَ مُسْتَقْبِلِي الْحُجْرَةِ.

****

الشرح

قوله: «وَإِنْ كَانَ السَّلاَمُ عَلَى أَهْلِ الْقُبُورِ جَائِزًا وَمُخَاطَبَتُهُمْ جَائِزَةً».


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (975).

([2])  أخرجه: ابن حبان في المجروحين (2/ 57، 58).

([3])  أخرجه: أبو داود رقم (2041)، وأحمد رقم (10815)، والبيهقي في الكبرى رقم (158).

([4])  أخرجه: عبد الرزاق في مصنفه رقم (6930)، وابن أبي شيبة في مصنفه رقم (11793).