×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 مِثْلَ مَا ذَكَرُوا عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَقْوَامٍ يُطِيلُونَ الْقِيَامَ مُسْتَقْبِلِي الْحُجْرَةِ يَدْعُونَ لأَِنْفُسِهِمْ، فَأَنْكَرَ مَالِكٌ ذَلِكَ وَذَكَرَ أَنَّهُ مِنَ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ يَفْعَلْهَا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَقَالَ: لاَ يُصْلِحُ آخِرَ هَذِهِ الأُْمَّةِ إلاَّ مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهَا. وَلاَ رَيْبَ أَنَّ الأَْمْرَ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ.

****

الشرح

قوله: «مِثْلَ مَا ذَكَرُوا عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَقْوَامٍ يُطِيلُونَ الْقِيَامَ مُسْتَقْبِلِي الْحُجْرَةِ يَدْعُونَ لأَِنْفُسِهِمْ، فَأَنْكَرَ مَالِكٌ ذَلِكَ». هذا الثابت عن مالك رحمه الله أنه لما سئل عن قوم يقفون مستقبلي الحجرة ويطيلون القيام ويدعون، أنكر ذلك عليهم، وهذا موافق لمذاهب الأئمة.

قوله: «لاَ يُصْلِحُ آخِرَ هَذِهِ الأُْمَّةِ إلاَّ مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهَا». هذه كلمة عظيمة من مالك رحمه الله، ومعناها: أننا نقتدي بأول الأمة، ولا نقتدي بالمتأخرين، إلا المتأخرين الذين هم على منهج السابقين، أمَّا من أحدث شيئًا بعد السابقين فلا يقبل منه، والذي أصلح أول الأمة هو الاتباع، والذي أفسد بعض المتأخرين هو الابتداع.

قوله: «وَلاَ رَيْبَ أَنَّ الأَْمْرَ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ»، فالذين يقولون: الآن الوقت تغير، والدنيا تغيرت، ويقولون: أتطالبوننا أن نتبع السابقين؟ نقول لهم: «لاَ يُصْلِحُ آخِرَ هَذِهِ الأُْمَّةِ إلاَّ مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهَا»، فلا بد من اتباع السلف الصالح، قال تعالى: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ [التوبة: 100]، وقال صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِين» ([1]).


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).