وَقَدْ كَانَ صلى الله
عليه وسلم فِي حَيَاتِهِ يُصَلِّي خَلْفَهُ، وَذَلِكَ مِنْ أَفْضَلِ الأَْعْمَالِ،
وَلاَ يَجُوزُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ خَلْفَ قَبْرِهِ،
وَكَذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يَأْمُرَ، وَأَنْ يُفْتِيَ، وَأَنْ
يَقْضِيَ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَطْلُبَ ذَلِكَ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ.
وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرٌ.
وَقَدْ كَرِهَ
مَالِكٌ وَغَيْرُهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: زُرْت قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ؛
لأَِنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَمْ يَرِدْ. وَالأَْحَادِيثُ الْمَرْوِيَّةُ فِي
زِيَارَةِ قَبْرِهِ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، بَلْ كَذِبٌ. وَهَذَا اللَّفْظُ صَارَ
مُشْتَرَكًا فِي عُرْفِ الْمُتَأَخِّرِينَ يُرَادُ بِهِ الزِّيَارَةُ
الْبِدْعِيَّةُ الَّتِي فِي مَعْنَى الشِّرْكِ؛ كَالَّذِي يَزُورُ الْقَبْرَ
لِيَسْأَلَهُ، أَوْ يَسْأَلَ اللَّهَ بِهِ، أَوْ يَسْأَلَ اللَّهَ عِنْدَهُ.
****
الشرح
قوله: «وَقَدْ كَانَ صلى الله عليه وسلم فِي
حَيَاتِهِ يُصَلِّي خَلْفَهُ، وَذَلِكَ مِنْ أَفْضَلِ الأَْعْمَالِ، وَلاَ يَجُوزُ
بَعْدَ مَوْتِهِ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ خَلْفَ قَبْرِهِ»، فلا يقال: الحياة
مثل الموت، كما أننا نصلي خلفه وهو حي نصلي خلفه وهو ميت. فيأتي خلف القبر ويصلي
ويقول: الرسول هو الإمام في القبر!! هذا من أقبح الهمجيات، والعياذ بالله.
قوله: «وَكَذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ يَطْلُبُ مِنْهُ
أَنْ يَأْمُرَ وَأَنْ يُفْتِيَ وَأَنْ يَقْضِيَ»، هذه من الفروق بين الحياة
والموت، «وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَطْلُبَ
ذَلِكَ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ. وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرٌ». فرق بين الحياة
والموت في حق الرسول صلى الله عليه وسلم وفي حق غيره.
قوله: «وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: زُرْت قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ»؛ لأنه لم يرد في الأحاديث الصحيحة ولا الحسان الأمر بزيارة قبره خاصة، وإنما أمر بزيارة القبور عمومًا، فلذلك كره مالك رحمه الله أن
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد