×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 يقال: زرت قبر الرسول؛ «لأَِنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَمْ يَرِدْ» في حديث صحيح ولا حسن يحتج به، إنما ورد في أحاديث منكرة وضعيفة، كما نبه على ذلك الحفاظ، وليس معنى ذلك أن الإمام مالك رحمه الله يمنع زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ينكر هذا اللفظ، فهو يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ويسلم عليه، لكن لا يقول: زرته؛ لأن هذا لفظ لم يرد، لكن تدخل زيارة قبره صلى الله عليه وسلم في عموم قوله: «زوروا القبورَ؛ فإنَّها تُذَكِّرُ الآخِرَةَ» ([1]).

قوله: «وَالأَْحَادِيثُ الْمَرْوِيَّةُ فِي زِيَارَةِ قَبْرِهِ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ؛ بَلْ كَذِبٌ»، كلها ضعيفة لا يحتج بها، أو كذب موضوع.

قوله: «وَهَذَا اللَّفْظُ صَارَ مُشْتَرَكًا فِي عُرْفِ الْمُتَأَخِّرِينَ يُرَادُ بِهِ الزِّيَارَةُ الْبِدْعِيَّةُ: الَّتِي فِي مَعْنَى الشِّرْكِ؛ كَالَّذِي يَزُورُ الْقَبْرَ لِيَسْأَلَهُ، أَوْ يَسْأَلَ اللَّهَ بِهِ، أَوْ يَسْأَلَ اللَّهَ عِنْدَه». الزيارة البدعية والشركية وقع فيها كثير من المتأخرين الذين يأتون إلى القبور، لا للسلام على الأموات والدعاء لهم، وإنما يأتونها لطلب الحوائج من الأموات، والاستغاثة بهم، ورجاء بركتهم ونفعهم، هذا الذي وقع فيه كثير من المتأخرين، فصرفوا العبادة للميت، وذبحوا له، ونذروا له، واستغاثوا به، وهذا شرك أكبر والعياذ بالله، أما إذا ذهب أحدهم عند القبر لأجل أن يدعو الله أو يصلي لله عنده، فهذا بدعة وهو وسيلة من وسائل الشرك. فقوله: «ليسأله» هذا شرك، «أو يسأل الله به» هذا بدعة ووسيلة إلى الشرك، «أو يسأل الله عنده» لم يسأله ولم يسأل به، وإنما سأل الله وحده عنده، فهذا أيضًا بدعة ووسيلة من وسائل الشرك.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (976).