×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 ألا يجوز أن يدعو القبر ويطلب منه ويستغيث به، فهذا أشد؛ لأن هذا شرك أكبر، والعياذ بالله.

قوله: «وَلَوْ جَازَ أَنْ يُشْكَى إلَيْهِ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ»، لا يشكى إليه في الشدائد؛ لأنَّ كثيرًا من الجهال والمبتدعة إذا اشتد بهم الأمر يستغيثون بالرسول صلى الله عليه وسلم، وإذا زار أحدهم قبره صلى الله عليه وسلم وقف يشكو إليه، وبعض المخرفين يرفع صوته بالنداء إذا تضايق من شيء ويقول: يا رسول الله، وإذا قام من مجلسه يقول: يا رسول الله. وهذا دعاء لغير الله سبحانه وتعالى.

قوله: «فَإِنَّ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ لاَ يُفْضِي إلَى الشِّرْكِ، وَهَذَا يُفْضِي إلَى الشِّرْكِ». الصحابة رضي الله عنهم كانوا يشتكون إليه في حياته مشاكلهم؛ لأجل أن يعينهم على حلها ويدعو لهم، لكن كانت تنزل بهم شدائد بعد موته صلى الله عليه وسلم، وما كانوا يشكون إليه، وإنما يشكون إلى الله سبحانه وتعالى، مثل ما حصل بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم من ردة العرب عن الإسلام، فلم يذهب أبو بكر رضي الله عنه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في قبره ليشكو إليه أعظم ردة حصلت بعد وفاته، وكذلك عمر رضي الله عنه في عام الرمادة ووقت الجدب الشديد ما شكا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ما هم فيه من ضيقٍ وكربٍ، وهذا شيء معلوم من سُنة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففرق بين الحياة والموت، فالذي يجوز في الحياة لا يجوز بعد الموت؛ لأن هناك فرقًا بين الحياة والموت، فالرجل حال حياته يتزوج ويتصدق ويغتسل ويدعو ويصلي، لكن إذا مات ما يقدر، بل إن امرأته بعدما تعتد عليه لها أن تتزوج غيره، ويقسم ماله على ورثته، بينما لو قسم في حياته قد لا يرضى بهذا.

فالحياة والموت لهما أحكام مختلفة، فكما أن هذه الأمور لا تجوز، فكذلك الشكوى إليه في حال موته لا تجوز، وإن كانت جائزة في


الشرح