×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وَحِينَئِذٍ، فَسُؤَالُ السَّائِلِ لِلْمَيِّتِ لاَ يُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا؛ بَلْ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ فَاعِلاً لَهُ هُوَ يَفْعَلُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ الْعَبْدُ؛ كَمَا تَفْعَلُ الْمَلاَئِكَةُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ، وَهُمْ إنَّمَا يُطِيعُونَ أَمْرَ رَبِّهِمْ لاَ يُطِيعُونَ أَمْرَ مَخْلُوقٍ؛ كَمَا قَالَ َتعالى: ﴿وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَلَدٗاۗ سُبۡحَٰنَهُۥۚ بَلۡ عِبَادٞ مُّكۡرَمُونَ ٢٦لَا يَسۡبِقُونَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ وَهُم بِأَمۡرِهِۦ يَعۡمَلُونَ ٢٧ [الأنبياء: 26، 27] فَهُمْ لاَ يَعْمَلُونَ إلاَّ بِأَمْرِهِ سبحانه وتعالى.

وَلاَ يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الشَّيْءِ فِي حَيَاتِهِ جَوَازُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ؛ فَإِنَّ بَيْتَهُ كَانَتِ الصَّلاَةُ فِيهِ مَشْرُوعَةً، وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ مَسْجِدًا. وَلَمَّا دُفِنَ فِيهِ حَرُمَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا؛ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» يُحَذِّرُ مَا فَعَلُوا. وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَأَبْرَزَ قَبْرَهُ، وَلَكِنْ كَرِهَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا ([1]).

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، أَلاَ فَلاَ تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» ([2]).

****

الشرح

قوله: «وَحِينَئِذٍ، فَسُؤَالُ السَّائِلِ لِلْمَيِّتِ لاَ يُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا؛ بَلْ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ فَاعِلاً لَهُ هُوَ يَفْعَلُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ الْعَبْدُ». المخلوق إذا طلب منه شيئًا لا يؤثر عليه مثل ما هو في حياته، ففي حياته إذا طلبت من أحد شيئًا تأثر، وفعل ما تطلب منه، أو يتأثر إذا ما كان ما يقدر على إعانتك، أمَّا الميت فإنه منقطع تمامًا عن هذه الدنيا.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1330)، ومسلم رقم (529).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (532).