بَلْ كُلُّ هَذَا مِنَ
الشِّرْكِ الَّذِي حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَتَحْرِيمُهُ مِمَّا يُعْلَمُ
بِالاِضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الإِْسْلاَمِ، وَهَؤُلاَءِ الْمُسْتَغِيثُونَ
بِالْغَائِبِينَ وَالْمَيِّتِينَ عِنْدَ قُبُورِهِمْ وَغَيْرِ قُبُورِهِمْ -
لَمَّا كَانُوا مِنْ جِنْسِ عُبَّادِ الأَْوْثَانِ - صَارَ الشَّيْطَانُ يُضِلُّهُمْ
وَيُغْوِيهِمْ، كَمَا يَضِلُّ عُبَّادَ الأَْوْثَانِ وَيُغْوِيهِمْ فَتَتَصَوَّرُ
الشَّيَاطِينُ فِي صُورَةِ ذَلِكَ الْمُسْتَغَاثِ بِهِ وَتُخَاطِبُهُمْ
بِأَشْيَاءَ عَلَى سَبِيلِ الْمُكَاشَفَةِ، كَمَا تُخَاطِبُ الشَّيَاطِينُ
الْكُهَّانَ.
وَبَعْضُ ذَلِكَ
صِدْقٌ؛ لَكِنْ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَذِبٌ، بَلِ
الْكَذِبُ أَغْلَبُ عَلَيْهِ مِنَ الصِّدْقِ. وَقَدْ تَقْضِي الشَّيَاطِينُ بَعْضَ
حَاجَاتِهِمْ وَتَدْفَعُ عَنْهُمْ بَعْضَ مَا يَكْرَهُونَهُ، فَيَظُنُّ أَحَدُهُمْ
أَنَّ الشَّيْخَ هُوَ الَّذِي جَاءَ مِنَ الْغَيْبِ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ، أَوْ
يَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ تعالى صَوَّرَ مَلَكًا عَلَى صُورَتِهِ فَعَلَ ذَلِكَ
وَيَقُولُ أَحَدُهُمْ: هَذَا سِرُّ الشَّيْخِ وَحَالُهُ.
****
الشرح
قوله: «بَلْ كُلُّ هَذَا مِنَ الشِّرْكِ الَّذِي
حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَتَحْرِيمُهُ مِمَّا يُعْلَمُ بِالاِضْطِرَارِ مِنْ
دِينِ الإِْسْلاَمِ». لا أحد ينازع في أن الشرك محرَّم، حتى هؤلاء ينازعون
ويقولون: الشرك محرم، فنقول لهم: لماذا تعملون كذا؟ يقولون: هذا ما هو بشرك، هذا
توسل، هذه محبة للصالحين، فيفسرونه بغير معناه، والتفسير إذا كان باطلاً لا يبرر
العمل الخبيث، فالمسألة ليست اصطلاحات وتفسيرات؛ إنما المسألة هي الحقيقة.
قوله: «وَهَؤُلاَءِ الْمُسْتَغِيثُونَ بِالْغَائِبِينَ وَالْمَيِّتِينَ عِنْدَ قُبُورِهِمْ وَغَيْرِ قُبُورِهِمْ - لَمَّا كَانُوا مِنْ جِنْسِ عُبَّادِ الأَْوْثَانِ - صَارَ الشَّيْطَانُ يُضِلُّهُمْ وَيُغْوِيهِمْ»، إذا استجابوا للشياطين، ودعوا غير الله - دعوا الميت، أو دعوا الغائب - فإن الشيطان يتمثل لهم بصورة الميت، ويخرج إليهم يخاطبهم،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد