فَالْمَعْبُودُ لَهُمْ فِي
قَصْدِهِمْ إنَّمَا هُوَ الْمَلاَئِكَةُ وَالأَْنْبِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ، أَوِ
الشَّمْسُ أَوِ الْقَمَرُ. وَهُمْ فِي نَفْسِ الأَْمْرِ يَعْبُدُونَ
الشَّيَاطِينَ: فَهِيَ الَّتِي تَقْصِدُ مِنَ الإِْنْسِ أَنْ يَعْبُدُوهَا
وَتُظْهِرُ لَهُمْ مَا يَدْعُوهُمْ إلَى ذَلِكَ، كَمَا قال تعالى: ﴿وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ
جَمِيعٗا ثُمَّ يَقُولُ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ أَهَٰٓؤُلَآءِ إِيَّاكُمۡ كَانُواْ
يَعۡبُدُونَ ٤٠قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ كَانُواْ
يَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ ٤١﴾ [سبأ: 40، 41].
****
الشرح
قوله: «وَهُمْ فِي نَفْسِ الأَْمْرِ يَعْبُدُونَ
الشَّيَاطِينَ: فَهِيَ الَّتِي تَقْصِدُ مِنَ الإِْنْسِ أَنْ يَعْبُدُوهَا،
وَتُظْهِرُ لَهُمْ مَا يَدْعُوهُمْ إلَى ذَلِكَ». عبادتهم للقبور أو النجوم أو
الأشجار والأحجار ليست عبادة لهذه الأشياء في الحقيقة، وإنما الذي حملهم على ذلك
هو الشيطان، فهم يعبدون الشيطان، هو الذي أمرهم، وهو الذي زيَّن لهم، وإلا هذه
الأشجار والأحجار ما قالت لهم شيئًا، ولا الأموات قالوا لهم: اعبدونا؛ إنما هو
الشيطان، قال تعالى: ﴿وَيَوۡمَ
يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا ثُمَّ يَقُولُ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ أَهَٰٓؤُلَآءِ إِيَّاكُمۡ
كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٤٠قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ
كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ ٤١﴾ أي: الشياطين، ﴿أَكۡثَرُهُم بِهِم
مُّؤۡمِنُونَ﴾ لأنهم أطاعوا الشياطين، فعبادتهم في الحقيقة إنما هي
عبادة للشيطان. وقد قال سبحانه وتعالى: ﴿أَلَمۡ أَعۡهَدۡ
إِلَيۡكُمۡ يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ أَن لَّا تَعۡبُدُواْ ٱلشَّيۡطَٰنَۖ إِنَّهُۥ لَكُمۡ
عَدُوّٞ مُّبِينٞ ٦٠وَأَنِ ٱعۡبُدُونِيۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ ٦١﴾ [يس: 60، 61].
فتتبرأ منهم الملائكة إذا سألهم الله يوم القيامة، وكذلك المسيح عليه السلام يتبرأ منهم، كما في قول الله تعالى: ﴿ءَأَنتَ قُلۡتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيۡنِ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ قَالَ سُبۡحَٰنَكَ مَا يَكُونُ لِيٓ أَنۡ أَقُولَ مَا لَيۡسَ لِي بِحَقٍّۚ إِن كُنتُ قُلۡتُهُۥ فَقَدۡ عَلِمۡتَهُۥۚ تَعۡلَمُ مَا فِي نَفۡسِي وَلَآ أَعۡلَمُ مَا فِي نَفۡسِكَۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّٰمُ ٱلۡغُيُوبِ﴾ [المائدة: 116].
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد