×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وَإِذَا كَانَ الْعَابِدُ مِمَّنْ لاَ يَسْتَحِلُّ عِبَادَةَ الشَّيَاطِينِ، أَوْهَمُوهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَدْعُو الأَْنْبِيَاءَ وَالصَّالِحِينَ وَالْمَلاَئِكَةَ وَغَيْرَهُمْ مِمَّنْ يُحْسِنُ الْعَابِدُ ظَنَّهُ بِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مِمَّنْ لاَ يُحَرِّمُ عِبَادَةَ الْجِنِّ عَرَّفُوهُ أَنَّهُمُ الْجِنُّ.

وَقَدْ يَطْلُبُ الشَّيْطَانُ الْمُتَمَثِّلُ لَهُ فِي صُورَةِ الإِْنْسَانِ أَنْ يَسْجُدَ لَهُ، أَوْ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ الْفَاحِشَةَ، أَوْ أَنْ يَأْكُلَ الْمَيْتَةَ وَيَشْرَبَ الْخَمْرَ، أَوْ أَنْ يُقَرِّبَ لَهُمُ الْمَيْتَةَ، وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْرِفُونَ ذَلِكَ، بَلْ يَظُنُّونَ أَنَّ مَنْ يُخَاطِبُهُمُ إمَّا مَلاَئِكَةٌ، وَإِمَّا رِجَالٌ مِنَ الْجِنِّ يُسَمُّونَهُمْ رِجَالَ الْغَيْبِ، وَيَظُنُّونَ أَنَّ رِجَالَ الْغَيْبِ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ غَائِبُونَ عَنْ أَبْصَارِ النَّاسِ، وَأُولَئِكَ جِنٌّ تَمَثَّلَتْ بِصُوَرِ الإِْنْسِ، أَوْ رُئِيَتْ فِي غَيْرِ صُوَرِ الإِْنْسِ، وقال تعالى: ﴿وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالٞ مِّنَ ٱلۡإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٖ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَزَادُوهُمۡ رَهَقٗا [الجن: 6].

كَانَ الإِْنْسُ إذَا نَزَلَ أَحَدُهُمْ بِوَادٍ يَخَافُ أَهْلَهُ قَالَ: أَعُوذُ بِعَظِيمِ هَذَا الْوَادِي مِنْ سُفَهَائِهِ، وَكَانَتِ الإِْنْسُ تَسْتَعِيذُ بِالْجِنِّ فَصَارَ ذَلِكَ سَبَبًا لِطُغْيَانِ الْجِنِّ وَقَالَتِ: الإِْنْسُ تَسْتَعِيذُ بِنَا.

****

الشرح

قوله: «وَإِذَا كَانَ الْعَابِدُ مِمَّنْ لاَ يَسْتَحِلُّ عِبَادَةَ الشَّيَاطِينِ، أَوْهَمُوهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَدْعُو الأَْنْبِيَاءَ وَالصَّالِحِينَ وَالْمَلاَئِكَةَ وَغَيْرَهُمْ مِمَّنْ يُحْسِنُ الْعَابِدُ ظَنَّهُ بِهِ». لو قيل لمن يعبد القبور أو الأشجار والأحجار: أنت تعبد الشيطان؟! قال: لا، أنا لا أعبد الشيطان، أنا أعبد أناسًا صالحين وملائكة أو أنبياء أو أولياء. وما درى أنه إنما يعبد الشيطان شاء أم أَبَى؛ لأن الشيطان هو الذي أمره بذلك فأطاعه.

قوله: «وَأَمَّا إنْ كَانَ مِمَّنْ لاَ يُحَرِّمُ عِبَادَةَ الْجِنِّ عَرَّفُوهُ أَنَّهُمُ الْجِنُّ»، أما إذا كان العابد يخضع للجن ويطيعهم، فهم لا يقولون له:


الشرح