×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 اعبد الملائكة، أو اعبد كذا، يأمرونه بعبادتهم هم، ويقولون له: إن عبدتنا قضينا لك حوائجك وأحضرنا لك مطالبك، هذه بهذه. فيطيعهم في هذا؛ كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ قَدِ ٱسۡتَكۡثَرۡتُم مِّنَ ٱلۡإِنسِۖ وَقَالَ أَوۡلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلۡإِنسِ رَبَّنَا ٱسۡتَمۡتَعَ بَعۡضُنَا بِبَعۡضٖ [الأنعام: 128]، فالإنسي استمتع بالجني أنه خدمه، والجني استمتع بالإنسي أنه عبده، تبادل منافع بزعمهم.

قوله: «بَلْ يَظُنُّونَ أَنَّ مَنْ يُخَاطِبُهُمُ إمَّا مَلاَئِكَةٌ وَإِمَّا رِجَالٌ مِنَ الْجِنِّ يُسَمُّونَهُمْ رِجَالَ الْغَيْبِ». وهذه أيضًا من شبههم أن الشياطين يأمرونهم بالفواحش، ويفعلون بهم الفواحش، ويطيعونهم من أجل أن يصلوا إلى مقصودهم، ويأمرونهم أن يمتهنوا المصحف ويلقوه في المزابل ويبولوا عليه، ويأمرونهم أن يذبحوا وينذروا لهم. فإذا فعلوا ذلك وأطاعوهم في الشرك الذي أمروهم به، يخدمونهم ويفعلون لهم ما يطلبون.

وهذا واقع من أصناف هؤلاء الذين يعبدون الجن ويتقربون إلى الجن، يتمثل لهم الشيطان، ويظنون أن هذا من أولياء الله، وأنه من الرجال الذين لا نراهم رجال الغيب، وهم عباد لا نراهم بزعمهم هم.

قوله: «وَيَظُنُّونَ أَنَّ رِجَالَ الْغَيْبِ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ غَائِبُونَ عَنْ أَبْصَارِ النَّاسِ»، وهم ليسوا رجال غيب، ولا هناك رجال غيب، إنما هم شياطين تصوروا لهم. قال تعالى: ﴿وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالٞ مِّنَ ٱلۡإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٖ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَزَادُوهُمۡ رَهَقٗا [الجن: 6].

هذا من كلام الجن الذين استمعوا القرآن وآمنوا، اعترفوا أن من الإنس رجالاً يعوذون بالجن، والعوذ هو الالتجاء، يلجئون إليهم لحمايتهم من المكاره، فالجن زادوهم رهقًا؛ أي: خوفًا، ما أمنوهم 


الشرح