×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

من الخوف، وإنما زادوهم خوفًا، فحصل لهم عكس مقصودهم، هذا تفسير.

التفسير الثاني: زاد الإنس الجن رهقًا، أي: إعجابًا بأنفسهم، وقالوا: أثخنا الإنس وخوفناهم، فأعجب الجن بأنفسهم.

وعلى كل حال فإن العياذ إنما هو من أنواع العبادة، ولا يكون إلا لله، فمَن عاذ بمخلوقٍ فقد أشرك الشرك الأكبر؛ لأن العياذ إنما هو عبادة لله سبحانه وتعالى، فلا يعاذ بأحدٍ من الخلق. قوله: «كَانَ الإِْنْسُ إذَا نَزَلَ أَحَدُهُمْ بِوَادٍ يَخَافُ أَهْلَهُ قَالَ: أَعُوذُ بِعَظِيمِ هَذَا الْوَادِي مِنْ سُفَهَائِهِ». هذا الحديث يفسر الآية: ﴿وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالٞ مِّنَ ٱلۡإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٖ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَزَادُوهُمۡ رَهَقٗا [الجن: 6].

فالإنس إذا نزلوا واديًا قالوا: نعوذ بسيد هذا الوادي؛ أي: من شر سفهاء قومه من الجن، فالنبي صلى الله عليه وسلم أبدلنا بذلك التوحيد، وقال لنا: «إِذَا نَزَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلاً، فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، فَإِنَّهُ لاَ يَضُرُّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ» ([1]).

أبدلنا الله بالتوحيد، وهو أننا نعوذ بكلمات الله التامات التي هي صفة من صفاته سبحانه وتعالى، والعوذ بصفاته عوذ به سبحانه وتعالى.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2708).