×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثالث

 وقال تعالى: ﴿يَوۡمَ يَفِرُّ ٱلۡمَرۡءُ مِنۡ أَخِيهِ ٣ وَأُمِّهِۦ وَأَبِيهِ ٣٥ وَصَٰحِبَتِهِۦ وَبَنِيهِ ٣٦ لِكُلِّ ٱمۡرِيٕٖ مِّنۡهُمۡ يَوۡمَئِذٖ شَأۡنٞ يُغۡنِيهِ ٣٧ [عبس: 34- 37].

أي في هذا اليوم يرى الإنسان أقرب الناس إليه في الدنيا فيفرُّ منهم ويبتعد عنهم لأن الهول عظيم، قال عِكْرمة: يلقى الرجل زوجته فيقول لها: يا هذه أيُّ بعل كنت لك؟، فتقول: نِعْمَ البعل كنت وتثني بخير ما استطاعت فيقول لها: فإني أطلب إليك اليوم حسنةً واحدةً تهبينها لي لعلي أنجو مما ترين، فتقول له: ما أيسر ما طلبت. ولكني لا أطيق أن أعطيك شيئًا أتخوف كمثل الذي تخاف، قال: وإن الرجل ليلقى ابنه فيتعلق به فيقول: يا بني أيُّ والدٍ كنت لك فيثني بخيرٍ فيقول له: يا بني إني احتجت إلى مثقال ذرةٍ من حسناتك لعلي أنجو بها مما ترى، فيقول ولده: يا أبت ما أيسر ما طلبت، ولكني أتخوف مثل الذي تتخوف فلا أستطيع أن أعطيك شيئًا.

يقول الله تعالى: ﴿يَوۡمَ يَفِرُّ ٱلۡمَرۡءُ مِنۡ أَخِيهِ ٣ وَأُمِّهِۦ وَأَبِيهِ ٣٥ وَصَٰحِبَتِهِۦ وَبَنِيهِ ٣ [عبس: 34- 36]، وفي الحديث الصحيح في أمر الشفاعة أنه إذا طلب إلى كل من أولي العزم أن يشفع عند الله في الخلائق، يقول: نفسي نفسي، لا أسألك اليوم إلا نفسي، حتى أن عيسى ابن مريم يقول: لا أسأله اليوم إلا نفسي، لا أسأله مريم التي ولدتني. وقوله تعالى: ﴿لِكُلِّ ٱمۡرِيٕٖ مِّنۡهُمۡ يَوۡمَئِذٖ شَأۡنٞ يُغۡنِيهِ [عبس: 37]، أي كلٌّ منهم يكون في هولٍ شاغلٍ له عن أحب الناس إليه، عن ابن عباسٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً،، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: أَيُبْصِرُ -أَوْ يَرَى- بَعْضُنَا عَوْرَةَ بَعْضٍ؟ قَالَ: يَا فُلاَنَةُ ﴿لِكُلِّ ٱمۡرِيٕٖ مِّنۡهُمۡ يَوۡمَئِذٖ شَأۡنٞ يُغۡنِيهِ [عبس:37] » »([1]).


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (3332)، والحاكم رقم (2995).