المساجد لإقامتها فيها، وشرع المناداة لحضورها، فلا يَسَعُ مسلمًا يؤمن بالله واليوم الآخر أن يترك الصلاة مع الجماعة في المسجد من غير عذرٍ شرعي، قال الإمام ابن المنذر رحمه الله: دلَّت الأخبار على وجوب فرض الجماعة على مَن لا عذر له، فمما دل عليه قوله لابن أُم مكتوم وهو ضريرٌ: «لا أجد لك رخصةٌ»، فإذا كان الأعمى لا رخصة له فالبصير أولى أن تكون له رخصةٌ، وفي همِّه «اهتمامه» ([1]) صلى الله عليه وسلم بأن يحرق على قوم تخلفوا عن الصلاة بيوتهم أبين البيان على وجوب فرض الجماعة إذ غير جائز أن يهدد رسول الله صلى الله عليه وسلم مَن تخلَّف عن ندب، وعما ليس بفرض، وقد أمر الله -جل ذكره- بصلاة الجماعة في حال الخوف فوجوبها في حال الأمن آكد. قال تعالى: ﴿وَإِذَا كُنتَ فِيهِمۡ فَأَقَمۡتَ لَهُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَلۡتَقُمۡ طَآئِفَةٞ مِّنۡهُم مَّعَكَ وَلۡيَأۡخُذُوٓاْ أَسۡلِحَتَهُمۡۖ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلۡيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمۡ وَلۡتَأۡتِ طَآئِفَةٌ أُخۡرَىٰ لَمۡ يُصَلُّواْ فَلۡيُصَلُّواْ مَعَكَ﴾ [النساء: 102]. قال الإمام ابن القيم رحمه الله: «ووجه الاستدلال بالآية من وجوه هي: أمره سبحانه لهم بالصلاة في الجماعة يعني في قوله تعالى: ﴿فَلۡتَقُمۡ طَآئِفَةٞ مِّنۡهُم مَّعَكَ﴾ [النساء: 102]، ثم أعاد الأمر مرة ثانية في حق الطائفة الثانية بقوله: ﴿وَلۡتَأۡتِ طَآئِفَةٌ أُخۡرَىٰ لَمۡ يُصَلُّواْ فَلۡيُصَلُّواْ مَعَكَ﴾ [النساء: 102]. وفي هذا دليل على أن الجماعة فرضٌ على الأعيان إذ لم يسقطها سبحانه عن الطائفة الثانية بفعل الأولى. ولو كان الجماعة سنةً لكان أولى الأعذار بسقوطها عذر الخوف، ولو كانت فرض كفاية لسقطت بفعل الطائفة الأولى».
([1]) استبدال من طبعة دار المعارف.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد