بِزَمَانِهِ،
مُقْبِلاً عَلَى شَأْنِهِ، حَافِظًا لِلِسَانِهِ، وَمَنْ حَسَبَ كَلاَمَهُ مِنْ
عَمَلِهِ، قَلَّ كَلاَمُهُ إِلاَّ فِيمَا يَعْنِيهِ». قُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللهِ، فَمَا كَانَتْ صُحُفُ مُوسَى؟ قَالَ: «كَانَتْ عِبَرًا كُلُّهَا:
عَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ، ثُمَّ هُوَ يَفْرَحُ، وَعَجِبْتُ لِمَنْ
أَيْقَنَ بِالنَّارِ، ثُمَّ هُوَ يَضْحَكُ، وَعَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ
بِالْقَدَرِ ثُمَّ هُوَ يَنْصَبُ، عَجِبْتُ لِمَنْ رَأَى الدُّنْيَا
وَتَقَلُّبَهَا بِأَهْلِهَا، ثُمَّ اطْمَأَنَّ إِلَيْهَا، وَعَجِبْتُ لِمَنْ
أَيْقَنَ بِالْحِسَابِ غَدًا ثُمَّ لاَ يَعْمَلُ». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ
فهل فِي أَيْدِينَا شَيءٌ مِمَّا كَانَ فِي أَيْدِي إِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى، وَمَا
أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، اقْرَأْ يَا أَبَا ذَرٍّ﴿قَدۡ أَفۡلَحَ مَن
تَزَكَّىٰ ١٤ وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ
فَصَلَّىٰ ١٥ بَلۡ تُؤۡثِرُونَ
ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا ١٦ وَٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ
وَأَبۡقَىٰٓ ١٧ إِنَّ هَٰذَا لَفِي
ٱلصُّحُفِ ٱلۡأُولَىٰ ١٨ صُحُفِ إِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ
١٩﴾ [الأعلى: 14- 19] » ([1])ـ
أيها المسلمون: إذا كان الوقت بهذه الأهمية وإذا لم يستغله الإنسان في الخير خسره خسارةً لا تعوض؛ فإنه يجب على الإنسان أن يحافظ عليه أكثر مما يحافظ على الذهب والفضة، فلا يصرف منه شيئًا إلا فيما يفيده، وإذا كان الذي يبذر ماله، ويضيعه فيما لا يفيد يعتبر سفيهًا يحجر عليه؛ فإن الذي يضيع وقته أعظم سفهًا. قال تعالى في المنافقين﴿أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَٰكِن لَّا يَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة: 13]، وقال تعالى﴿وَمَن يَرۡغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبۡرَٰهِۧمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفۡسَهُۥ﴾ [البقرة: 130]. لقد ضيعنا الكثير من أوقاتنا في غير فائدة أو فيما يضرنا، ونبخل بالوقت عن فعل الطاعات فالكثير إذا دخل المسجد فكأنه في سجن حتى يخرج منه، وإذا دخل في الصلاة فكأنه في وثاق يحاول الانفكاك منه. تجده يتململ ويسابق الإمام، وإن صلَّى وحده نقر الصلاة كما ينقر
([1]) أخرجه: ابن حبان رقم (361).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد