مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلاَ قَطَعْتُمْ
وَادِيًا إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ، حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ» ([1]) ومعنى قوله صلى
الله عليه وسلم: «إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ» أي في نيَّاتهم وقلوبهم من
الأجر مثل ما لإخوانهم الذين خرجوا في الغزو. وفي الحديث الآخر: أن العبد إذا همَّ
بالحسنة فلم يعملها لعارض منعه كتبت له حسنة كاملة، والعبد يعامل بحسب نيته حتى في
تعامله مع الناس، كما روى البخاري مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنْ
أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ
يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللهُ» ([2]). فجعل النية
الصالحة سببًا للرزق وقضاء الدين. والنية السيئة سببًا للتلف والإتلاف. وقد ذكر
الله قصة أصحاب الجنة وما عوقبوا به بسبب نيتهم السيئة فقال تعالى﴿إِنَّا بَلَوۡنَٰهُمۡ كَمَا
بَلَوۡنَآ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ إِذۡ أَقۡسَمُواْ لَيَصۡرِمُنَّهَا مُصۡبِحِينَ ١ وَلَا يَسۡتَثۡنُونَ ١٨ فَطَافَ عَلَيۡهَا طَآئِفٞ
مِّن رَّبِّكَ وَهُمۡ نَآئِمُونَ ١ فَأَصۡبَحَتۡ كَٱلصَّرِيمِ ٢٠ فَتَنَادَوۡاْ مُصۡبِحِينَ ٢١ أَنِ ٱغۡدُواْ عَلَىٰ حَرۡثِكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰرِمِينَ ٢٢ فَٱنطَلَقُواْ وَهُمۡ يَتَخَٰفَتُونَ ٢٣ أَن لَّا يَدۡخُلَنَّهَا ٱلۡيَوۡمَ
عَلَيۡكُم مِّسۡكِينٞ ٢٤﴾ [القلم: 17-- 24].
وذلك أنه كان بأرض اليمن بستان لرجل فيه زروع ونخيل، كان يجعل للمساكين حظًّا منه عند الحصاد والصِّرام، فلما مات وصار البستان إلى أولاده قالوا: المال قليل والعيال كثير، ولا يسعنا أن نفعل كما كان أبونا يفعل، وعزموا على حرمان المساكين، فحرمهم الله منها بأن سلط عليها نارًا أحرقتها؛ وذلك بسبب نيتهم السيئة، فقد تلفت بالليل قبل أن ينفذوا ما عزموا عليه في الصباح عقوبة لهم. وكما أن مَنْ أخلّ بالإخلاص في العمل يُعاقب ويُردّ عليه عمله، فكذلك مَن أخل
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4432)، ومسلم رقم (1911).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد