×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثالث

وقال صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي» ([1]). فكلُّ عبادة لم يفعلها الرسول وخلفاؤه فهي بدعة وضلالة. أضف إلى ذلك ما يشتمل عليه غالب تلك الاحتفالات البدعية من منكرات. من أشدها الشرك بالله عز وجل من دعاء الرسول والاستغاثة به والغلو في مدحه، ومما يزيد الأمر خطورة في هذا الزمان أن تلك البدع لا يقتصر شرها على الموضع الذي تقام فيه أو يقتصر إثمها على مَن يقيمها أو يحضرها بل صارت وقائعها تصدر إلى المشارق والمغارب، بواسطة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة فيظنها الجهّال حقًّا ويحسبونها من الدين، ويعتبرون مَن لم يفعلها مقصرًا في حق الرسول صلى الله عليه وسلم، بل أصبحت كأنها شعيرة من شعائر الإسلام. ولا شك أن في هذا من التغرير بالعوَامِّ ولبس الحق بالباطل ما لا يخفى على ذوي البصائر، لا سيما إذا شارك في إقامة هذه الاحتفالات وتجديد هذه الذكريات مَن هم محسوبون من العلماء. وهم في الحقيقة من الأئمة المضلِّين الذين يحصلون من وراء هذه البدع على مطامع دنيوية ويختلون الدنيا باسم الدين. فيا مَن تحتفلون بذكرى الإسراء والمعراج أو غيرها من الذكريات البدعية هل لكم دليل على ما تفعلون من كتاب الله وسنة رسوله؟ ﴿هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ [البقرة: 111]. هل فُعِلَ شيء من ذلك في القرون المفضلة. ﴿ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمۡۖ أَمۡ عَلَى ٱللَّهِ تَفۡتَرُونَ [يونس: 59]. إن قلتم إن لكم دليلاً على ما فعلتم من الكتاب والسنة فقد كذبتم، وإن اعترفتم بأنه لا دليل لكم فقد ابتدعتم فاتقوا الله في أمة محمد، لا تفسدوا عليها دينها بالبدع.

إنَّ الإسراء والمعراج نعمة عظيمة على أهل الإسلام، ولكن إحياء هذه الذكرى وغيرها من الذكريات وتخصيصها بعبادة لا دليل عليها يعتبر


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42).