×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثالث

ولهذا رسم الله سبحانه وتعالى للطلاق خطة حكيمة تقلل من وقوعه ويكون المتمشي على تلك الخطة الإلهية في الطلاق لا يتضرر به ولا يندم عليه ويتجنب الآثار السيئة التي يقع فيها من أخل بتلك الخطة، فجعل للرجل أن يطلق المرأة عند الحاجة طلقةً واحدةً في طهر لم يجامع فيه ويتركها حتى تنقضي عدتها، ثم إن بدا له في تلك الفترة أن يراجعها فله ذلك، وإن انقضت عدتها قبل أن يراجعها بانت منه ولم تحل له إلا بعقد جديد...

قال تعالى: ﴿ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِۖ فَإِمۡسَاكُۢ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ تَسۡرِيحُۢ بِإِحۡسَٰنٖۗ [البقرة: 229] أي إذا طلقتها واحدةً أو اثنتين فأنت مخير فيها ما دامت في عدتها فلك أن تردها إليك ناويًّا الإصلاح والإحسان إليها، ولك أن تتركها حتى تنقضي عدتها فتبين منك وتطلق سراحها محسنًا إليها لا تظلمها من حقها شيئًا ولا تضار بها وقال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق: 1] يعني طلِّقوهن وهنَّ طاهرات من الحيض من غير أن يحصل منكم جماع لهن في هذا الطهر، فبيّن سبحانه في الآية الأولى العدد المشروع في الطلاق وهو طلقة واحدة، وبين في الآية الثانية الوقت الذي يجوز فيه الطلاق، وهو وقت الطهارة من الحيض بشرط أن لا يكون قد جامعها في هذا الطهر، فتبين بهذا أنه يحرم على الزوج أن يطلق زوجته ثلاثًا؛ لأن هذا يسد عليه باب الرجعة، وأنه يحرم عليه أن يطلقها وهي حائض؛ لأن هذا يطيل العدة على الزوجة، ولأنه وقت ينزل فيه الحيض على المرأة وهو أذى قد يدفع الزوج إلى كراهة زوجته وذلك مظنة لتطليقها في تلك الحالة فنهى عنه، ويحرم كذلك تطليق المرأة في طهر جامعها فيه لأنها ربما تكون قد حملت من هذا الجماع فيشتد ندمه إذا علم أنها حامل ويكثر الضرر.


الشرح