×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثالث

ما استودعتني «استودعني» ([1]) وتُخرِج كنوزها بإذنه تعالى، ثم تُحدِّث أخبارها وتشهد على بنيها بما عملوا على ظهرها من خيرٍ وشر، ويُحدِث فيها سبحانه الزلازل العظام ليحدث من ذلك لعباده الخوف والخشية والإنابة والإقلاع عن معاصيه والتضرع إليه والندم، كما قال بعض السلف -لما زلزلت الأرض-: إن ربكم يستعتبكم، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد زلزلت المدينة فخطبهم ووعظهم وقال: «لئن عادت لا أُساكنكم فيها».

عباد الله: لقد كثر وقوع الزلازل المروِّعة التي تدمر العمران وتهلك الإنسان، وقد تتابع ذلك في سنين متقاربةٍ، حدث زلزالٌ عظيمٌ في الجزائر، ثم أعقبه زلزالٌ عظيمٌ في إيطاليا، ثم أعقبه زلزالٌ عظيمٌ في اليمن، ثم أعقبه زلزالٌ عظيمٌ في المكسيك، وقد دمر في هذه الزلازل مدنٌ بأكملها وهلك فيها ألوفٌ من البشر وشرد فيها مئات الألوف من مساكنهم، مما تسمعون أخباره المروِّعة ويشاهد الكثير منكم صوره المفزعة تعرض على شاشة التلفاز، وهذه الزلازل لا شك أنها عقوباتٌ على ما يرتكبه العباد من الكفر والمعاصي، وفيها عبرٌ وعظاتٌ لأولي الألباب، ودلالةٌ على قدرة الله الباهرة، حيث يأذن لهذه الأرض أن تتحرك بضع ثوانٍ أو دقائق فينتج عن ذلك الدمار وهذا الهلاك وهذا الرعب، لعل الناس يتوبون إلى ربهم ويستغفرون من ذنوبهم؛ لأن هذا ما حدث إلا بسبب كفرهم ومعاصيهم! ويكثر هذا في آخر الزمان، كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ، حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ، وَيَتَقَارَبَ


الشرح

([1])  استبدال من طبعة دار المعارف.