×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثالث

 كما قال الله لهم: ﴿قُلۡ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمۡ إِلَى ٱلنَّارِ [إبراهيم: 30]. وقال تعالى: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيۡنَيۡكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّنۡهُمۡ زَهۡرَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا لِنَفۡتِنَهُمۡ فِيهِۚ وَرِزۡقُ رَبِّكَ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰ [طه: 131]. بل المسلم يعتبر ما بأيدي الكفار عذابًا لهم في الدنيا يَشقون في تحصيله وجمعه، ويهتمون بحفظه ومنعه، ثم يؤخذون منه وهم على الكفر دون أن يستفيدوا منه لآخرتهم، قال تعالى: ﴿وَلَا تُعۡجِبۡكَ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَأَوۡلَٰدُهُمۡۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي ٱلدُّنۡيَا وَتَزۡهَقَ أَنفُسُهُمۡ وَهُمۡ كَٰفِرُونَ [التوبة: 85].

والمؤمن سعيد بإيمانه، وإن أُعطي من الدنيا شيئًا فهو زيادة خير وعون على الطاعة، وإن لم يعط منها فما عند الله خيرٌ له وأبقى، والمؤمن سعيد في الدنيا والآخرة، سعيد في الدنيا لأنه استفاد من حياته فيها بالأعمال الصالحة، وسعيد بالآخرة لأنه فاز بالجنة الباقية خالدًا فيها، والكافر شقي في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: ﴿خَسِرَ ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةَۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ [الحج: 11].

فهو شقي في الدنيا لأنه لم يستفد منها إلا إبعاد نفسه عن الله وعن جنَّته، وشقي في الآخرة لأنه مأواه النار خالدًا فيها وبئس المصير. إذًا كيف يليق بالمؤمنين الذين أعزهم الله بهذا الإسلام. ورفعهم به فوق الأنام، أن يقلدوا الكفار ويتشبهوا بهم؟ كيف يتشبه العالي بالسافل؟ كيف يتشبه الصاعد بالنازل؟ إن التشبه يقتضي أن المتشبه به أكمل من المتشبه، ولهذَّا حذرنا الله ورسوله من التشبه بالكفار في عباداتهم وفي عاداتهم وتقاليدهم، روى الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» ([1]).


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4031)، وأحمد رقم (5114)، والبيهقي في « الشعب » رقم (1199).