×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثالث

وفي جامع الترمذي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا، لاَ تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَلاَ بِالنَّصَارَى» ([1]).

وذلك لأن التشبه بالكفار يجرّ إلى مفاسد عظيمة وعواقب وخيمة. منها أن التشبه بهم يدل على تعظيمهم؛ لأن المتشبه بغيره يرى أنه أكمل منه وإلا لما تشبه به، وهذا من المسلم شعور بالنقص وضعف في الشخصية، وهو يجر إلى الخضوع للكافر وتعظيمه وهذا أمرٌ خطير.

ومنها أن تشبه المسلم بالكافر هبوط وسفول؛ لأن المسلم أعلى من الكافر، فإذا قلَّده هبط من عليائه ومنزلته، واستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، وهذا كفران للنعمة، وإهانة للإسلام و«الإسلام يعلو ولا يعلى عليه».

ومنها أن تشبه المسلم بالكافر يجرّه إلى موافقته في أخلاقه السيئة وأعماله الخبيثة، ومنها أن تشبه المسلم بالكافر يبعث على محبته له وموالاته له. وقد قال الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ [المائدة: 51].

ومنها أن تشبه المسلم بالكافر يزيل الفارق بينه وبينه، والله تعالى قد فرق بين المؤمنين والكفار في الأحكام والأجسام في الدنيا والآخرة ولو كانوا من أقرب القرابة، وأمر المؤمنين بالهجرة من بلاد الكفار، وحرم السفر إلى بلادهم بلا حاجة معتبرة، وفي التشبه بهم مدعاة لمخالطتهم والسكنى معهم والسفر إليهم، ومرافقتهم وغير ذلك، وقد جر التشبه بالكفار في عصرنا إلى شرور كثيرة وأمور خطيرة منها:


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2695)، والقضاعي في مسند « الشهاب » رقم (1191).