﴿وَٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوٓاْ إِلَيۡهِۚ﴾ [هود: 90]، وذلك
ليجمع بين الاستغفار باللسان والإقلاع عن الذنب بالقلب والجوارح وهذا معناه عدم
الإصرار على الذنب.
الأمر الثالث: مما تضمَّنه هذا الحديث أن التوحيد هو الشرط الأعظم بل هو الأساس لمغفرة الذنوب فمن فقده فقد المغفرة. قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ﴾ [النساء: 48]. وقال تعالى: ﴿إِنَّهُۥ مَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ ٱلۡجَنَّةَ وَمَأۡوَىٰهُ ٱلنَّارُۖ وَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ﴾ [المائدة: 72] وفي هذا الحديث يقول الله تعالى: «يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَْرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً» ([1]) وقُراب الأرض بضم القاف ملؤها أو ما يقارب ملئها. دل الحديث على أن الموحِّد ترجى له المغفرة ولو كثرت ذنوبه فإن ما معه من التوحيد يكفِّر الله به الذنوب مهما عظمت ومهما كثرت، وهذا مقيد بمشيئة الله عز وجل، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ﴾ [النساء: 48] أي ما دون الشرك ﴿لِمَن يَشَآءُۚ﴾ففيه فضل التوحيد وبيان ما يكفر من الذنوب. وأن من لقي الله به ومات عليه فإنه تُرجى له المغفرة. وفيه التحذير من الشرك لأنه لا يغفر لصاحبه ولو أتعب نفسه بالعمل ولسانه بالاستغفار ولو أنفق جميع ما في الدنيا فلن يقبل منه ولن يغفر له مادام على الشرك، ولكن ما هو الشرك الذي هذا خطره؟ كثير من المنتسبين إلى الإسلام يظنون أن الشرك يقتصر على عبادة الأصنام التي كان أهل الجاهلية يعبدونها مثل اللات والعزى ومناة، وأما عبادة القبور
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (3540)، والدارمي رقم (2788)، وأحمد رقم (21472).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد