أراد أن يؤرخوا كما تؤرخ الفرس بملوكهم، كلما
هلك ملك أرخوا من تاريخ ولاية الذين بعده، فكرهوا ذلك.
ومنهم من قال:
أَرِّخوا بتاريخ الروم من زمان إسكندر فكرهوا ذلك، وقال قائلون: أرِّخوا من مولد
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال آخرون من مبعثه عليه السلام، وأشار عليٌّ بن
أبي طالب رضي الله عنه وآخرون، أن يؤرَّخ من «هجرته من مكة إلى المدينة فاستحسن
ذلك عمر والصحابة فأمر عمر أن يؤرخ من» ([1]) هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرخوا من
أول تلك السنة من محرمها، وعند مالك رحمه الله: أن أول السنة الهجرية من ربيع
الأول لقدومه صلى الله عليه وسلم فيه إلى المدينة، والجمهور على أن أول السنة من
المحرم لأنه أضبط لئلا تختلف الشهور؛ فإن المحرم أول السنة الهلالية العربية. هذا
الذي رأى الخلفاء الثلاثة عمر وعثمان وعليٌّ ومن معهم من المهاجرين والأنصار أن
يؤرخ به المسلمون ديونهم وأعمالهم السنوية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ
بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي» ([2]) ولم يرتضوا للمسلمين أن يؤرخوا بالتاريخ
الميلادي النصراني ولا غيره من تواريخ الكفار؛ لأن هذا فيه تبعية وتشبه بالكفار،
ومشاركة لهم في تعظيم أعيادهم.
وقد سار على هذا التاريخ الهجري المسلمون من بعدهم في مختلف القرون إلى عصرنا الحاضر فلا تزال بلادنا السعودية -والحمد لله- ولن تزال - إن شاء الله تسير عليه وتعتمده رسميًّا اقتداءً بالسلف الصالح وما سار عليه المسلمون من قبل، وهو التاريخ الذي اعتمده
([1]) سقط من طبعة دار المعارف.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد